ماذا يحدث في المنطقة؟ إحتلال سوريا من الآخر، سوريا اليوم تُواجه عدة إحتلالات من أطرافٍ ثلاثة؛ فالجولان لا يزال في قبضة إسرائيل جنوباً، والمق...
ماذا يحدث في المنطقة؟
إحتلال سوريا
من الآخر، سوريا اليوم تُواجه عدة إحتلالات من أطرافٍ ثلاثة؛ فالجولان لا يزال في قبضة إسرائيل جنوباً، والمقاتلون الأتراك وتوابعهم قد خرقوا سيادة الأراضي السورية شمالاً للحد من نمو التسلح الكردي الذي ترى فيه أنقرة خطراً على أمنها؛ والأميركيون، بالإضافة لآلاف المقاتلين الأجانب لا يزالون في الداخل السوري.
في المقابل، فإن الجيش السوري، بمساعدة حلفائه من الروس والإيرانيين وحزب الله منشغل في مقاتلة ما تبقى من المعارضة السورية، والجيش السوري الحر -المدعوم من تركيا- وإرهابيو داعش وتنظيم القاعدة. وهذا الأخير كان قد عمد إلى تغيير إسمه عدة مرات في السابق في محاولة لتمويه أصله كتنظيم إرهابي، وبات اليوم يُعرف بتنظيم “فتح الشام” الذي يُقاتل تحت راية “هيئة تحرير الشام”.
الغوطة الشرقية
المعارك في سوريا، المستمرة منذ انطلاق شرارة الحرب في العام 2011، لا تنتهي. حصيلتها حتى اليوم ملايين النازحين واللاجئين حول العالم، ومئات آلاف القتلى والمفقودين، وعشرات المُدن والقُرى المدمرة، ومحو شبه تام لمظاهر ثقافية وتاريخية وللبنية التحتية التي هي عماد الإقتصاد في العديد من المناطق.
أحدث هذه المعارك المستمرة هي تلك التي تشنها القوات الحكومية على المسلحين المتمركزين في منطقة الغوطة الشرقية، على الرغم من توافق دولي على وجوب الدخول في هدنة.
هذا التوافق فشل حتى اليوم في تحديد موعد بدء الهدنة، وبالتالي فإن التوافق على المبدأ لا مفعول له، خاصة في ظل تمسك الحكومة السورية بحق الدفاع عن النفس واستمرار المسلحين في الغوطة الشرقية بمنع المدنيين من الخروج، وهو ما تُشير إليه كل من موسكو ودمشق.
والحصيلة: المدنيون السوريون في الغوطة الشرقية عالقين بين مطرقة الحكومة وسندان الفصائل المسلحة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإنه يوجد نحو 400 ألف مدني محاصرين داخل الغوطة.
وقام الجيش السوري بعزل مدينة دوما عن بقية الغوطة الشرقية يوم السبت 10 مارس، لتنقسم المنطقة بذلك إلى أجزاء ثلاثة: دوما ومحيطها في الشمال، وحرستا في الغرب، وقُرى الوسط الممتدة جنوباً. فيما قال الجيش الروسي إنه أجلى 52 مدنياً، من ضمنهم 26 طفلاً، من مدينة مسرابا في الغوطة الشرقية.
وفي ظل استمرار المعارك هناك، اعتبر سجاد مالك، ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا أن الغوطة الشرقية على وشك أن تتحول إلى ما أسماه بـ “الكارثة الكبرى”.
وأشار مالك، بعد زيارته لدوما يوم الجمعة 9 مارس، إلى وجود “رائحة نفّاذة” نتيجة الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض في المنطقة.
عفرين
بحلول الأحد 11 مارس، أفادت وكالة الأناضول عن وصول دفعة جديدة من التعزيزات العسكرية التركية إلى ولاية كليس في الجنوب التركي (شمال سوريا)، تمهيدا لإرسالها إلى الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا. ومنذ شهر يناير مطلع هذا العام، قامت القوات التركية، المدعومة من مقاتلي الجيش السوري الحر بالتوغل في منطقة عفرين الواقعة تحت سيطرة مسلحين أكراد مدعومين من الولايات المتحدة، ضمن عملية “غصن الزيتون”، والتي تقول أنقرة إنها تستهدف الوحدات الكردية في عفرين شمالي غربي سوريا. وفيما تعمد تركيا إلى تطويق عفرين بالكامل اليوم، قام الأكراد بإرسال وحدات دفاعية صغيرة لتعزيز مقاتليهم في المنطقة.
الجولان
وفي موازاة التصعيد في الداخل السوري، يُطالعنا تحركان إسرائيليان يتعلقان بالجولان ويستغلان حالة الإنشغال الداخلي والعالمي في معارك الغوطة والحدود التركية مع سوريا:
الأول يتمثل بإعلان إسرائيل مطلع هذا الشهر، وبطريقة غير مباشرة (تقرير مصور لنشرة القناة الإسرائيلية العاشرة)، عن وجود عناصر من فيلق شهداء اليرموك الموالي لتنظيم داعش الإرهابي وهم يتدربون عند حدود هضبة الجولان السوري المحتل. والجيش الإسرائيلي يتابع رصد هذا التواجد.
وفي هذه الحالة ستسعى إسرائيل لاستخدام الأمر كذريعة للقيام بعملية تدخل عسكرية نوعية على الأرض بحجة حماية نفسها من خطر الإرهاب، وبالتالي تأمين الجولان المحتل لها تمهيداً لضمّه رسمياً.
والتحرك الثاني يتمثل في إعلان ألكسندر بن تسفي، نائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبوع الماضي، عن قيام تل أبيب بالتباحث مع موسكو حول الضمانات التي يمكن لروسيا أن تعطيها لإسرائيل وتتعلق بمنع القوات الإيرانية المقاتلة في سوريا، وتوابعها، من الإقتراب من مرتفعات الجولان.
وفي هذه الحالة ترسيخ سياسي للمطالب الإسرائيلية بتحويل الجولان السوري المحتل إلى أرض تابعة لإسرائيل يُمنع على أحد إستردادها.
وتسعى إسرائيل منذ عقود لاستغلال كل الفرص من أجل توسيع رقعة تهويدها للجولان السوري المُحتل والتي كان رئيس وزراء إسرائيل قد قال في 2016 إنها ستُضَم للكيان العبري، ولم يرف جفن أحد في العالم آنذاك، على الرغم من أن القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة تمنع ضم أراضي دولة أممية لدولة أخرى غصباً، وهناك قرارات صادرة بحق الجولان.
[caption id="attachment_6457" align="aligncenter" width="800"] 17 أبريل/ نيسان 2016… اليوم الذي عقد فيه “بيبي” نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، اجتماع حكومته في الجولان السوري المحتل أمام أعين العالم بطريقة لا تترك مجالاً للشك أن إسرائيل قد ضمّت الجولان، في تحدٍّ صارخ لكل القوانين الدولية.[/caption]
حميميم
على خط موازٍ تدّعي المعارضة السورية والقوات الموالية لها تعرّض قاعدة حميميم الروسية في ريف اللاذقية لهجوم حديث هذا الشهر باستخدام طائرات مسيرة عن بُعد من قبل مقاتلي المعارضة.
وكان موقع المصدر الإخباري قد قال إن منظومات الدفاع الجوي الروسية قد قضت على مصدر التهديد قبل أن تتمكن الطائرة من إلقاء القنابل المعدّة على متنها لتفجير القاعدة. وفي حال صح الخبر، فإن ذلك لن يكون الهجوم الأول على هذه القاعدة الروسية التي تنطلق منها طائرات حربية لتقصف القوات التي تُقاتل الجيش العربي السوري، حليف موسكو، إذ تم مهاجمتها بنفس الأسلوب في يناير.
السعودية تُعيد رسم صورتها
وفي وقت يشتعل فيه الشرق الأوسط من سوريا إلى اليمن وليبيا، إنشغل العالم بزيارة الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، المكوكية إلى مصر والمملكة المتحدة.
كل الأنظار تنصب على هذا الأمير الشاب، الذي قام ووالده الملك سلمان بن عبدالعزيز بخضّ المجتمع الدولي والعربي والسعودي عدة مرات خلال السنيتن الماضيتين، منذ شغلهما لمنصبيهما.
فمن حملات مكافحة الفساد التي انتهت باعتقال عشرات الأمراء والسياسيين والمتنفذين ورجال الأعمال السعوديين (والعرب)، إلى التغييرات الإجتماعية المفاجئة (الترخيص لدور السينما، والسماح للمرأة بالقيادة، والإعلان عن نية المملكة بفتح أبوابها للسياحة)، يبدو أن النية هي إعادة رسم صورة جديدة للمملكة العربية السعودية في نظر العالم. هذه الصورة التي شوّهتها مظاهر المغالاة والتشدد الديني في الماضي، هي ما يريد الأمير محمد تغييرها، بحسب ما أعلنه عدة مرات خلال العام الماضي؛ تماماً كما يريد لمملكته أن تُقلل من اعتمادها على النفط، الذي يُشكّل عِماد اقتصادها حالياً.
غير أن محاولات الأمير محمد بتغيير وجهة الرأي العالمي (وبالأخص الغربي) العام بالنسبة للسعودية تصطدم بثلاثة عقبات حاليةهي الحرب في اليمن، ومخاوف المستثمرين، ومخاوف دينية.
معارضة للحرب!
فالعديد من دول الغرب ترى في حرب اليمن التي أعلنها التحالف الذي تقوده السعودية ضد القوات الحوثية اليمنية المدعومة من إيران، تجاوزات إنسانية كان يمكن تلافيها. فيما تقول السعودية إنها لا ترضى بوجود تهديد أمني على حدودها المشتركة عند شمال اليمن.
هذه الحرب التي تُشير فيها إحصاءات الأمم المتحدة إلى وجود نحو 8.5 مليون يمني ممن يواجهون خطر المجاعة، وتصف الوضع في هذه الدولة الفقيرة على أنه “كارثي”، باتت بمثابة علم تلوح به الدول الغربية في وجه السعودية كلما تقدمت خطوة على صعيد تحسين صورتها عبر الإصلاحات التي يُدخِلها الحكم دورياً.
ومع قيام الأمير محمد بن سلمان بزيارة بريطانيا، تراكضت عدة صحف، وفي مقدمتهم صحيفة الغارديان العريقة التي اضاءت على دور السعودية في حرب اليمن، مشيرة إلى الزيارة بـ “العار” وطالبت الحكومة البريطانية إلى بذل المزيد من الجهود لإنهاء الحرب ومعاناة اليمنيين.
وكانت بريطانيا قد وافقت مبدئياً يوم الجمعة 9 مارس على بيع السعودية أسلحة من ضمنها طائرات حربية، في إطار صفقة عسكرية تُقدّر بمليارات الدولارات.
ووقع البلدان خطاب نوايا بشأن طلبية لشراء 48 مقاتلة تايفون التي تصنعها شركة بي.إيه.إي سيستمز والتي كانت مدار مفاوضات لعدة سنوات دون أن تتم.
وقال غافين وليامسون ،وزير الدفاع البريطاني،”فتحت زيارة ولي العهد فصلا جديدا في العلاقات التاريخية التي تربط بلدينا“.
وأضاف ”لقد قمنا بخطوة حيوية نحو وضع اللمسات النهائية على طلبية لشراء طائرات تايفون ستعزز الأمن في الشرق الأوسط وتدعم الصناعة البريطانية والوظائف في قطاع الطيران البريطاني“.
ويعتبر الكثير من المعارضين لهذه الصفقة أنه لا يجوز لبريطانيا الإستمرار في تسليح من يقود حرباً في اليمن.
ودافعت تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا عن العلاقة الدفاعية مع الرياض قائلة إن جميع مبيعات الأسلحة خاضعة لقواعد دقيقة.
وتأتي صفقة التسليح هذه، كجزء من عدة صفقات تجارية تفوق قيمتها ملياري دولار تُضاف إلى الإقتصاد البريطاني، الذي كان يتخوّف من تبعات خروج بريطانيا من السوق الأوروبية في إطار ما سُمّي بعملية “البريكزيت”.
وتتصارع بريطانيا بشكل خفي مع الولايات المتحدة وهونغ كونغ على صفقة القرن التي تُمسِك السعودية بمفتاحها، وهي عملية إدراج الطرح العام الأولي لعملاق النفط السعودي (شركة أرامكو) في بورصة لندن. والمتوقع أن يكون هذا الطرح العام الأولي الأضخم في التاريخ.
وكانت لندن قد أعلنت يوم الأربعاء 7 مارس إنها ستواصل حث المملكة على إدراج جزء من الطرح العام الأولي لشركة أرامكو في بورصة لندن.
ويتخوف البعض من أن حاجة بريطانيا للموارد المالية الضخمة هذه، هو ما يدفعها للقبول بصفقة تسليح الرياض.
[caption id="attachment_6458" align="aligncenter" width="800"]
الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه بالملكة إليزابيث الثانية.[/caption]
وفي إطار جولته، إلتقى الأمير محمد بالملكة إليزابيث ورئيسة الوزراء تيريزا ماي ووزراء (منهم وزير المالية البريطاني فيليب هاموند) ومسؤولين تنفيذيين بعدة شركات.
ويأتي الهدف من هذه اللقاءات إرسال تطمينات للمستثمرين البريطانيين والأجانب إلى أن استثماراتهم في الداخل السعودي وفي المشاريع العملاقة التي أطلقها الأمير، ومنها مدينة نيوم القائمة على التقدم التكنولوجي وقطاع الخدمات والسياحة، هي بأمان.
ومرد هذا التطمين يأتي عقب اعتقال رجال أعمال سعوديين وعرب، تقول السعودية إنهم على علاقة بصفقات فساد كبّدت الدولة أموالاّ وهي تحاول استرجاعها منهم.
تسامح ديني
وفي إطار إظهار تسامحه الديني، قام الأمير محمد بن سلمان بدعوة جاستن ويلبي، رئيس الكنيسة الانجليكانية اسقف كانتربري يوم الخميس 8 مارس لزيارة المملكة. وبحسب مكتب الأسقف فإن “ولي العهد قدم التزاما قويا بدعم الاشخاص من تقاليد دينية مختلفة، وبالحوار بين الأديان في المملكة وخارجها”.
وكان ويلبي قد عبّر خلال لقائه بالأمير محمد عن “مخاوفه بخصوص القيود المفروضة على ممارسة الشعائر المسيحية في المملكة العربية السعودية وشدد على أهمية دعم الزعماء الروحيين حرية الدين والعقيدة، استنادا إلى تجربة المملكة المتحدة”.
وكالعديد من البريطانيين، تطرق ويلبي لمسألة العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، دون أن يخفي “انزعاجه بشأن الأزمة الانسانية في اليمن… وطالب بالسعي لوضع حد للنزاع”.
[caption id="attachment_6459" align="aligncenter" width="772"]
الأمير محمد بن سلمان مصافحاً أسقف كانتربري.[/caption]
دعاية ودعاية مضادة
وعلى الرغم من وجود حملة دعائية قوية لدعم زيارة الأمير محمد بن سلمان للمملكة المتحدة تمثلت في توزيع صوره في عشرات الأماكن العامة في لندن، ووجود مقالات داعمة لمسيرة الأمير الإصلاحية، إلا أن العديد من المتابعين انتقدوا الأمر معتبرين أن صرف الأموال على تحسين صورة المملكة والأمير محمد لا تصرف النظر عن الحرب الدائرة في اليمن.
ويقول محللون خليجيون إن الحملة المناهضة لزيارة ولي العهد السعودي يتم تمويلها من قطر التي تعمد “لتشويه صورة المملكة في الخارج”، واعتبروا أن ما يُكتب في إطار الهجوم على ولي العهد وأهداف الزيارة “هي حملات مغرضة من أقلام مأجورة”.
زيارة مصر
كل ما يمكن قوله في هذا الإطار إن السعودية قامت بإعادة التأكيد على متانة علاقاتها مع حليفتها مصر على الصعيدين العسكري والاقتصادي. فبُعَيد اجتماع الأمير محمد بالرئيس المصري قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن البلدين سيواصلان العمل معاً بهدف التصدي للتدخلات الإقليمية ومحاولات بث التفرقة والتقسيم بين دول المنطقة.
كما وشدد على وجوب الاتحاد كجبهة في وجه المخاطر التي تتعرض لها الدول العربية، ومنها الإرهاب وداعميه.
يُذكر أن مصر هي حليف استراتيجي إلى جانب السعودية في الرباعية التي تضم الإمارات والبحرين في وجه قطر.
وتتهم دول الرباعية الدوحة بتمويل الإرهاب وتُطالبها بالإمتثال للائحة مطالب كانوا قد وضعوها وتتضمن: إغلاق قناة الجزيرة التي تتخذ من الدوحة مقراً لها، ووقف دعم الإرهاب وترحيل اعضاء وقياديي تنظيم الإخوان المسلمين، المحظور خليجياً، من قطر.
في المقابل ترفض الدوحة، التي تستضيف الداعية يوسف قرضاوي وغيره من قادة الإخوان المسلمين (وهو تنظيم على لائحة الإرهاب الخليجية) الإتهامات الموجهة لها وتتمسك بالحل السياسي المتمثل بطاولة حوار بلا شروط.
أما على الصعيد الإقتصادي، فقد وافق السيسي على تخصيص قطعة أرض مصرية على البحر الأحمر بمحاذاة الأراضي السعودية لتكون جزءاً من مدينة نيوم التي أعلن عنها الأمير محمد العام الماضي، وهو ما استتبع بعض الانتقادات من الداخل المصري الذي لم يتقبل حتى اليوم إرجاع مصر لجزيرتي تيران وصنافير المتنازع عليهما، للسيادة السعودية.
إسرائيل والإنتخابات بمواجهة لبنان
الوضع في لبنان على الشكل التالي: من هالك لمالك لقبّاض الأرواح.
فالجبهة الجنوبية اللبنانية تُنذِر بإمكانية تحوّلها، وبسرعة، لمسرح مناوشات عسكرية، ليس بين حزب الله وإسرائيل التي لا تزال تتمترس على أراضٍ لبنانية، بل مع الجيش اللبناني هذه المرة، والذي أخذ الضوء الأخضر من المجلس الأعلى للدفاع بمواجهة أي محاولة إسرائيلية لقضم الأراضي اللبنانية عبر الإستمرار في بناء جدار الفصل على على طول الجبهة اللبنانية الجنوبية.
وهذا الجدار يوازي جدار الفصل الذي أقامته إسرائيل لعزل البلدات الفلسطينية ولقضم آلاف الهكتارات من الأراضي الفلسطينية. ولمن لا يعرف الخط الأزرق، فهو، وبحسب الأمم المتحدة نفسها، خط ترسيم انسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلية من معظم الأراضي اللبنانية في العام 2000 وليس ترسيم الحدود بتاتاً. ولبنان يعترض على عشرات نقاط الترسيم على طول الخط الأزرق والتي هي أراضٍ لبنانية، ويُقال إن تل أبيب تسعى لضمّها بسبب موقعها الإستراتيجي وغناها بالمياه العذبة التي تفتقر إليها إسرائيل.
وكان لبنان قد حذّر إسرائيل الشهر الماضي من استمرارها في عملية بناء حائط فاصل على طول الخط الأزرق. وكان المجلس الاعلى للدفاع في لبنان قد أكد ليل الأربعاء ٧ فبراير عزمه على مواجهة اي اعتداء بحزم.
فيما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم ٨ فبراير إن “لبنان يقوم بالاتصالات مع المراجع الدولية لمواجهة الاطماع الاسرائيلية في بره وبحره”.
وأضاف في ما يتعلق بالجدار الاسمنتي، أن هناك 13 نقطة على طول الخط الأزرق متنازع عليها و “موقفنا كان واضحا وابلغناه الى كل المراجع الدولية ويركز على رفضنا بناء الجدار اذا لم يتم البت بالنقاط الـ 13 المتنازع عليها على الخط الازرق الذي ليس هو الحدود الدولية”.
وفي حال دخل الجيش اللبناني في حرب مباشرة مع عدوه الإسرائيلي، فإن هذا يعني عملياً دخول مقاتلي حزب الله اللبناني، والمدعوم إيرانياً، على خط المواجهات لدعم الجيش من منطلق مقاومة الإحتلال والإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وهو الأمر الذي يُعزز من استمراره بحمل السلاح تحت ذريعة استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية واستمرار إسرائيل بخرق سيادة لبنان وتهديد أمنه.
وبالطبع، فإن إشعال الجبهة الشمالية لإسرائيل يستتبع إشعال عدة جبهات أخرى، وهو أمر لا يصب في مصلحة الجيش الإسرائيلي الذي سيضطر عندها لتقسيم ألويته على أكثر من جبهة جنوباً (المشاكل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وشمالاً على جبهتين : لبنان وسوريا)؛ حيث أن إيران ستقوم عندئذٍ بتحريك جبهة الجولان، وهو يصب في نفس سياق ما كنا قد أشرنا إليه في مطلع هذه المقالة من أن إسرائيل تطلب ضمانات من روسيا لمنع إيران من التدخل في الجولان.
والجبهة اللبنانية-السورية الجنوبية تلوح بتباشير الغليان بدءاً من الجولان السوري المحتل، والذي تود إسرائيل ضمّه خلافاً للقرارات الدولية، إلى مزارع شبعا وكفرشوبا والعرقوب والجزء اللبناني من الغجر وبركة النقّار وغيرها من المناطق الجنوبية اللبنانية المُثبتة والمتنازع عليها.
وليس آخر تلك التباشير قيام الجيش الإسرائيلي برمي قنابل دخانية على دورية تابعة لمخابرات الجيش اللبناني داخل الأراضي اللبنانية في نوفمبر الماضي.
كما وأعلن لبنان عن تمسكه بالقانون الدولي في الحفاظ على ثروته النفطية التي قام بتلزيم التنقيب عن جزء منها فيما بات يُسمى بالبلوك البحري رقم ٩ جنوب لبنان إلي كونسورتيوم (اتحاد) يضم ثلاث شركات عالمية هي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتك الروسية .
وكان الرئيس عون قد تطرق لموضوع الرقعة 9 قائلاً “إننا نعتبر الادعاءات الاسرائيلية بملكيتها، هي اعتداء على لبنان ونحن نقوم بالاتصالات اللازمة عبر الأمم المتحدة وقيادة (قوات الطواريء الدولية) اليونيفيل وعبر الدول الصديقة ولا سيما منها الولايات المتحدة الاميركية. علما أن المجلس الأعلى للدفاع قد اتخذ قرارات واضحة في هذا المجال واعتبرنا أن أي اعتداء على أراضينا، بالبر او البحر سيواجه بحزم وتصميم على الدفاع عن السيادة والكرامة الوطنية”.
[caption id="attachment_6460" align="aligncenter" width="800"]
الجدار الإسرائيلي الفاصل عند رأس الناقورة: إسرائيل تبني جداراً فاصلاً على الأراضي المتنازع عليها مع لبنان على طول الخط الأزرق والذي تعتبره إسرائيل حدوداً فيما تقول الأمم المتحدة إنّه يمثل خط إنسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان فقط، وهو لا يُشكل حدوداً. ويعترض لبنان على عشرات نقاط الترسيم على طول الخط الأزرق قائلاً إن الأراضي الممتدة بعده تابعة للبنان وتحتلها إسرائيل[/caption]
للتذكير: وساطة أميركية
وفي ظل اعتراض لبنان على قيام إسرائيل بخرق سيادته البرية والبحرية عبر الجدار الفاصل والتهديد المستمر للثروة النفطية، قام ديفيد ساترفيلد، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، بزيارة إسرائيل ولبنان في فبراير في مهمة وساطة.
في وقت شدد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز على الإرتكان إلى الحل الدبلوماسي للنزاع فهو ”أفضل من التهديدات… ولا تستفزونا ولا تقوموا بعمليات استكشاف داخل أو حتى بالقرب من خط التماس المتنازع عليه”.
واجرى ساترفيلد محادثات مع الرئيس عون والمسؤولين اللبنانيين حول التطورات الاخيرة في جنوب لبنان في ضوء التهديدات الاسرائيلية، بعد مباشرة اسرائيل بناء جدار اسمنتي يخرق سيادة الأراضي اللبنانية الجنوبية، بالإضافة لادعاء إسرائيل امتلاكها الرقعة رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وأبلغ اللبنانيون رفضهم للمزاعم الإسرائيلية وعدم تراجعهم عن شبر واحد من أراضي ومياه وأجواء لبنان السيادية التي تخرقها إسرائيل بشكل يومي.
وكان الأمين العام لحزب الله قد رد بأنه على الولايات المتحدة أن تقبل بمطالب لبنان بشأن الخلافات مع إسرائيل مؤكدا أن مقاتليه مستعدون للتحرك إذا لزم الأمر.
فيما أبلغ نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، أميركا أن لبنان يرفض المقترحات الحالية بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل.
وعلى خط تعزيز قدرات الجيش اللبناني قال مسؤول فرنسي الأسبوع الماضي إن بلاده ستقدم مساعدات للجيش اللبناني بقيمة 14 مليون يورو ($17 مليون) تشمل تدريباً وصواريخ مضادة للدبابات.
ولا تشمل هذه المساعدات، كالعادة، أسلحة استراتيجية، وهو ما تتخوف إسرائيل من حدوثه وتضغط لمنعه، حيث أن مناوشاتها مع الجيش اللبناني -الفقير العتاد- خلال العقدين الماضيين، لم تصب في مصلحتها.
وزار وزير الدفاع اللبناني باريس يوم الخميس الماضي للإعداد للمؤتمر الأول من بين 3 مؤتمرات تستهدف مساعدة لبنان.
الانتخابات النيابية
وبموازاة الإستفزازات الإسرائيلية للبنان، يواجه الداخل اللبناني إستحقاقاً سياسياً قد يصب الزيت على النار في مجال التحالفات التي تشكّلت قبل بدء المعركة الإنتخابية خلال الشهر القادم.
وفي إطار هذا الإستحقاق السياسي، فإنه يتم تعبئة الرأي العام المنقسم على ذاته أصلاً من قِبَل الأحزاب السياسية. وبالتالي فإن الأرضية اللبنانية حالياً مهيّئة للإنفجار في حال تم استغلالها، بخاصة في ظل التهديدات الإرهابية والتدخلات الخارجية المستمرة.
[caption id="attachment_6461" align="aligncenter" width="810"]
على من سترسو الإنتخابات في لينان؟ حتى الآن يبدو أن الشعب هو الخاسر الأكبر بفضل قانون إنتخابي مجحف يفرض الصوت الطائفي على الناخب ويلزمه بلائحة كاملة دون شطب مع تصعيب الأمور على المرشحين الفرديين المستقلين عن الأحزاب[/caption]
قطر تلتف حول الرباعية
أما في الشأن القطري، فإن الدوحة، التي تُحارب عزلها عن محيطها الخليجي من قِبَل دول الرباعية، فد التفت على الحظر المفروض عليها عبر استمرارها في عقد اتفاقيات شراكة اقتصاديا ورياضيا وثقافياً، وحتى استراتيجياً مع عدة دول عربية وخاصة في أفريقيا، التي تشهد صراعاً خفياً بين الدوحة وأبوظبي في التوسعات الاقتصادية والعسكرية هناك.
فخلال الأسبوع الماضي قامت قطر بتوقيع 3 اتفاقيات تعاون رياضية، مع كل من سوريا ولبنان والأردن. حيث وقع رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني ثلاث اتفاقيات تعاون مع كل من صلاح رمضان رئيس الاتحاد السوري، والأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني، وهاشم حيدر رئيس الاتحاد اللبناني.
كما وواكبت هذه الإتفاقيات محاولات اختراق اقتصادي ناجحة على جبهات حليفة لدول الرباعية هي الأردن والمغرب والسودان.
،وشدد الشيخ خليفة بن جاسم مؤخراً على ضرورة تعزيز التبادل التجاري (الذي يبلغ حالياً 400$ مليون) بين الدوحة والأردن.
ولوحت قطر إلى إمكانية زيادة حجم الإستثمارات القطرية في الأردن ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.
كما وقام رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، بزيارة المغرب يوم الأحد 11 مارس، بهدف توقيع عدة اتفاقيات. يُذكر أن المغرب لا يزال محافظاً على حياده بالنسبة للأزمة الخليجية المستمرة منذ العام 2016.
[caption id="attachment_6462" align="aligncenter" width="800"]
رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني في المغرب[/caption]
كما وكانت الرباط إحدى 3 دول أعلنت استعدادها للوساطة في ملف الأزمة الخليجية إلى جانب الكويت وسلطنة عُمان.
وعلى الجانب الإفريقي، زار وزير الخارجية القطري السودان بعد بضعة ساعات من قيام مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير.
وفيما ركّزت الزيارة المصرية للبشير على بحث سُبل عدم تأثر العلاقات بين البلدين بالتطورات الإقليمية “وأهمية التواصل بين البلدين والتحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة حتى لا تؤثر على العلاقة بين البلدين”، كانت السودان تُغازل قطر أيضاً.
وفي حين وصف وزير الدفاع السوداني عوض محمد أحمد ابن عوف العلاقة بين السودان ومصر بـ”المهمة والاستراتيجية”، أعرب وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور عن تقدير بلاده لدعم قطر “ومساندتها للسودان”، وبخاصة في مجال “اتفاقية الدوحة التي كانت السبيل للسلام في دارفور”. كما وأكد أيضاً أنه تم “مناقشة إكمال ملف الدوحة وخاصة الإعمار في دارفور” وأن مسؤولي البلدين سيستمرون باللقاء “كل 6 أشهر لمناقشة العلاقات الثنائية”.
وننهي الأمر بالشكوى الأخيرة التي تقدمت بها قطر إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والتي نددت بوجود 3 خروقات لمجالها الجوي عبر طائرات تابعة للإمارات والبحرين، اللتين تحظران الطائرات القطرية من دخول مجاليهما الجوي.
وهي ليست الشكوى الأولى من نوعها حيث اشتكت دول الرباعية العام الماضي من أن الطائرات الحربية القطرية تتصدى لطائراتهم التجارية.
وتتشابك هذه الشكاوى المتنامية مع إستمرار الإعلام في قطر ودول الرباعية بتبادل اتهامات عن محاولة كل دولة إحداث انقلاب في الدولة الأخرى أو التدخل في شؤونها الداخلية أو خلق تفرقة بين الشعب والحكم.
[caption id="attachment_6463" align="aligncenter" width="800"]
الرئيس السوداني عمر البشير مستقبلاً وزير خارجية قطر.[/caption]
على صعيد عسكري، قد يتمخض عنه تعاون عسكري أكبر بين تركيا وقطر، من المتوقع أن يزور رئيس هيئة الأركان خلوصي أكار الدوحة هذا الشهر بمرافقة من قائد القوات البحرية التركية عدنان أوزبال.
وكان أكار قد التقى رئيس أركان القوات المسلحة القطرية غانم بن شاهين الغانم في إسطنبول يوم الأحد 11 مارس. يُذكر أن أنقرة تحتفظ بقاعدة عسكرية في قطر.
ليلى حاطوم
نيوزويك الشرق الأوسط
http://ar.newsweekme.com/
إحتلال سوريا
من الآخر، سوريا اليوم تُواجه عدة إحتلالات من أطرافٍ ثلاثة؛ فالجولان لا يزال في قبضة إسرائيل جنوباً، والمقاتلون الأتراك وتوابعهم قد خرقوا سيادة الأراضي السورية شمالاً للحد من نمو التسلح الكردي الذي ترى فيه أنقرة خطراً على أمنها؛ والأميركيون، بالإضافة لآلاف المقاتلين الأجانب لا يزالون في الداخل السوري.
في المقابل، فإن الجيش السوري، بمساعدة حلفائه من الروس والإيرانيين وحزب الله منشغل في مقاتلة ما تبقى من المعارضة السورية، والجيش السوري الحر -المدعوم من تركيا- وإرهابيو داعش وتنظيم القاعدة. وهذا الأخير كان قد عمد إلى تغيير إسمه عدة مرات في السابق في محاولة لتمويه أصله كتنظيم إرهابي، وبات اليوم يُعرف بتنظيم “فتح الشام” الذي يُقاتل تحت راية “هيئة تحرير الشام”.
الغوطة الشرقية
المعارك في سوريا، المستمرة منذ انطلاق شرارة الحرب في العام 2011، لا تنتهي. حصيلتها حتى اليوم ملايين النازحين واللاجئين حول العالم، ومئات آلاف القتلى والمفقودين، وعشرات المُدن والقُرى المدمرة، ومحو شبه تام لمظاهر ثقافية وتاريخية وللبنية التحتية التي هي عماد الإقتصاد في العديد من المناطق.
أحدث هذه المعارك المستمرة هي تلك التي تشنها القوات الحكومية على المسلحين المتمركزين في منطقة الغوطة الشرقية، على الرغم من توافق دولي على وجوب الدخول في هدنة.
هذا التوافق فشل حتى اليوم في تحديد موعد بدء الهدنة، وبالتالي فإن التوافق على المبدأ لا مفعول له، خاصة في ظل تمسك الحكومة السورية بحق الدفاع عن النفس واستمرار المسلحين في الغوطة الشرقية بمنع المدنيين من الخروج، وهو ما تُشير إليه كل من موسكو ودمشق.
والحصيلة: المدنيون السوريون في الغوطة الشرقية عالقين بين مطرقة الحكومة وسندان الفصائل المسلحة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإنه يوجد نحو 400 ألف مدني محاصرين داخل الغوطة.
وقام الجيش السوري بعزل مدينة دوما عن بقية الغوطة الشرقية يوم السبت 10 مارس، لتنقسم المنطقة بذلك إلى أجزاء ثلاثة: دوما ومحيطها في الشمال، وحرستا في الغرب، وقُرى الوسط الممتدة جنوباً. فيما قال الجيش الروسي إنه أجلى 52 مدنياً، من ضمنهم 26 طفلاً، من مدينة مسرابا في الغوطة الشرقية.
وفي ظل استمرار المعارك هناك، اعتبر سجاد مالك، ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا أن الغوطة الشرقية على وشك أن تتحول إلى ما أسماه بـ “الكارثة الكبرى”.
وأشار مالك، بعد زيارته لدوما يوم الجمعة 9 مارس، إلى وجود “رائحة نفّاذة” نتيجة الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض في المنطقة.
عفرين
بحلول الأحد 11 مارس، أفادت وكالة الأناضول عن وصول دفعة جديدة من التعزيزات العسكرية التركية إلى ولاية كليس في الجنوب التركي (شمال سوريا)، تمهيدا لإرسالها إلى الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا. ومنذ شهر يناير مطلع هذا العام، قامت القوات التركية، المدعومة من مقاتلي الجيش السوري الحر بالتوغل في منطقة عفرين الواقعة تحت سيطرة مسلحين أكراد مدعومين من الولايات المتحدة، ضمن عملية “غصن الزيتون”، والتي تقول أنقرة إنها تستهدف الوحدات الكردية في عفرين شمالي غربي سوريا. وفيما تعمد تركيا إلى تطويق عفرين بالكامل اليوم، قام الأكراد بإرسال وحدات دفاعية صغيرة لتعزيز مقاتليهم في المنطقة.
الجولان
وفي موازاة التصعيد في الداخل السوري، يُطالعنا تحركان إسرائيليان يتعلقان بالجولان ويستغلان حالة الإنشغال الداخلي والعالمي في معارك الغوطة والحدود التركية مع سوريا:
الأول يتمثل بإعلان إسرائيل مطلع هذا الشهر، وبطريقة غير مباشرة (تقرير مصور لنشرة القناة الإسرائيلية العاشرة)، عن وجود عناصر من فيلق شهداء اليرموك الموالي لتنظيم داعش الإرهابي وهم يتدربون عند حدود هضبة الجولان السوري المحتل. والجيش الإسرائيلي يتابع رصد هذا التواجد.
وفي هذه الحالة ستسعى إسرائيل لاستخدام الأمر كذريعة للقيام بعملية تدخل عسكرية نوعية على الأرض بحجة حماية نفسها من خطر الإرهاب، وبالتالي تأمين الجولان المحتل لها تمهيداً لضمّه رسمياً.
والتحرك الثاني يتمثل في إعلان ألكسندر بن تسفي، نائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبوع الماضي، عن قيام تل أبيب بالتباحث مع موسكو حول الضمانات التي يمكن لروسيا أن تعطيها لإسرائيل وتتعلق بمنع القوات الإيرانية المقاتلة في سوريا، وتوابعها، من الإقتراب من مرتفعات الجولان.
وفي هذه الحالة ترسيخ سياسي للمطالب الإسرائيلية بتحويل الجولان السوري المحتل إلى أرض تابعة لإسرائيل يُمنع على أحد إستردادها.
وتسعى إسرائيل منذ عقود لاستغلال كل الفرص من أجل توسيع رقعة تهويدها للجولان السوري المُحتل والتي كان رئيس وزراء إسرائيل قد قال في 2016 إنها ستُضَم للكيان العبري، ولم يرف جفن أحد في العالم آنذاك، على الرغم من أن القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة تمنع ضم أراضي دولة أممية لدولة أخرى غصباً، وهناك قرارات صادرة بحق الجولان.
[caption id="attachment_6457" align="aligncenter" width="800"] 17 أبريل/ نيسان 2016… اليوم الذي عقد فيه “بيبي” نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، اجتماع حكومته في الجولان السوري المحتل أمام أعين العالم بطريقة لا تترك مجالاً للشك أن إسرائيل قد ضمّت الجولان، في تحدٍّ صارخ لكل القوانين الدولية.[/caption]
حميميم
على خط موازٍ تدّعي المعارضة السورية والقوات الموالية لها تعرّض قاعدة حميميم الروسية في ريف اللاذقية لهجوم حديث هذا الشهر باستخدام طائرات مسيرة عن بُعد من قبل مقاتلي المعارضة.
وكان موقع المصدر الإخباري قد قال إن منظومات الدفاع الجوي الروسية قد قضت على مصدر التهديد قبل أن تتمكن الطائرة من إلقاء القنابل المعدّة على متنها لتفجير القاعدة. وفي حال صح الخبر، فإن ذلك لن يكون الهجوم الأول على هذه القاعدة الروسية التي تنطلق منها طائرات حربية لتقصف القوات التي تُقاتل الجيش العربي السوري، حليف موسكو، إذ تم مهاجمتها بنفس الأسلوب في يناير.
السعودية تُعيد رسم صورتها
وفي وقت يشتعل فيه الشرق الأوسط من سوريا إلى اليمن وليبيا، إنشغل العالم بزيارة الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، المكوكية إلى مصر والمملكة المتحدة.
كل الأنظار تنصب على هذا الأمير الشاب، الذي قام ووالده الملك سلمان بن عبدالعزيز بخضّ المجتمع الدولي والعربي والسعودي عدة مرات خلال السنيتن الماضيتين، منذ شغلهما لمنصبيهما.
فمن حملات مكافحة الفساد التي انتهت باعتقال عشرات الأمراء والسياسيين والمتنفذين ورجال الأعمال السعوديين (والعرب)، إلى التغييرات الإجتماعية المفاجئة (الترخيص لدور السينما، والسماح للمرأة بالقيادة، والإعلان عن نية المملكة بفتح أبوابها للسياحة)، يبدو أن النية هي إعادة رسم صورة جديدة للمملكة العربية السعودية في نظر العالم. هذه الصورة التي شوّهتها مظاهر المغالاة والتشدد الديني في الماضي، هي ما يريد الأمير محمد تغييرها، بحسب ما أعلنه عدة مرات خلال العام الماضي؛ تماماً كما يريد لمملكته أن تُقلل من اعتمادها على النفط، الذي يُشكّل عِماد اقتصادها حالياً.
غير أن محاولات الأمير محمد بتغيير وجهة الرأي العالمي (وبالأخص الغربي) العام بالنسبة للسعودية تصطدم بثلاثة عقبات حاليةهي الحرب في اليمن، ومخاوف المستثمرين، ومخاوف دينية.
معارضة للحرب!
فالعديد من دول الغرب ترى في حرب اليمن التي أعلنها التحالف الذي تقوده السعودية ضد القوات الحوثية اليمنية المدعومة من إيران، تجاوزات إنسانية كان يمكن تلافيها. فيما تقول السعودية إنها لا ترضى بوجود تهديد أمني على حدودها المشتركة عند شمال اليمن.
هذه الحرب التي تُشير فيها إحصاءات الأمم المتحدة إلى وجود نحو 8.5 مليون يمني ممن يواجهون خطر المجاعة، وتصف الوضع في هذه الدولة الفقيرة على أنه “كارثي”، باتت بمثابة علم تلوح به الدول الغربية في وجه السعودية كلما تقدمت خطوة على صعيد تحسين صورتها عبر الإصلاحات التي يُدخِلها الحكم دورياً.
ومع قيام الأمير محمد بن سلمان بزيارة بريطانيا، تراكضت عدة صحف، وفي مقدمتهم صحيفة الغارديان العريقة التي اضاءت على دور السعودية في حرب اليمن، مشيرة إلى الزيارة بـ “العار” وطالبت الحكومة البريطانية إلى بذل المزيد من الجهود لإنهاء الحرب ومعاناة اليمنيين.
وكانت بريطانيا قد وافقت مبدئياً يوم الجمعة 9 مارس على بيع السعودية أسلحة من ضمنها طائرات حربية، في إطار صفقة عسكرية تُقدّر بمليارات الدولارات.
ووقع البلدان خطاب نوايا بشأن طلبية لشراء 48 مقاتلة تايفون التي تصنعها شركة بي.إيه.إي سيستمز والتي كانت مدار مفاوضات لعدة سنوات دون أن تتم.
وقال غافين وليامسون ،وزير الدفاع البريطاني،”فتحت زيارة ولي العهد فصلا جديدا في العلاقات التاريخية التي تربط بلدينا“.
وأضاف ”لقد قمنا بخطوة حيوية نحو وضع اللمسات النهائية على طلبية لشراء طائرات تايفون ستعزز الأمن في الشرق الأوسط وتدعم الصناعة البريطانية والوظائف في قطاع الطيران البريطاني“.
ويعتبر الكثير من المعارضين لهذه الصفقة أنه لا يجوز لبريطانيا الإستمرار في تسليح من يقود حرباً في اليمن.
ودافعت تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا عن العلاقة الدفاعية مع الرياض قائلة إن جميع مبيعات الأسلحة خاضعة لقواعد دقيقة.
وتأتي صفقة التسليح هذه، كجزء من عدة صفقات تجارية تفوق قيمتها ملياري دولار تُضاف إلى الإقتصاد البريطاني، الذي كان يتخوّف من تبعات خروج بريطانيا من السوق الأوروبية في إطار ما سُمّي بعملية “البريكزيت”.
وتتصارع بريطانيا بشكل خفي مع الولايات المتحدة وهونغ كونغ على صفقة القرن التي تُمسِك السعودية بمفتاحها، وهي عملية إدراج الطرح العام الأولي لعملاق النفط السعودي (شركة أرامكو) في بورصة لندن. والمتوقع أن يكون هذا الطرح العام الأولي الأضخم في التاريخ.
وكانت لندن قد أعلنت يوم الأربعاء 7 مارس إنها ستواصل حث المملكة على إدراج جزء من الطرح العام الأولي لشركة أرامكو في بورصة لندن.
ويتخوف البعض من أن حاجة بريطانيا للموارد المالية الضخمة هذه، هو ما يدفعها للقبول بصفقة تسليح الرياض.
[caption id="attachment_6458" align="aligncenter" width="800"]

وفي إطار جولته، إلتقى الأمير محمد بالملكة إليزابيث ورئيسة الوزراء تيريزا ماي ووزراء (منهم وزير المالية البريطاني فيليب هاموند) ومسؤولين تنفيذيين بعدة شركات.
ويأتي الهدف من هذه اللقاءات إرسال تطمينات للمستثمرين البريطانيين والأجانب إلى أن استثماراتهم في الداخل السعودي وفي المشاريع العملاقة التي أطلقها الأمير، ومنها مدينة نيوم القائمة على التقدم التكنولوجي وقطاع الخدمات والسياحة، هي بأمان.
ومرد هذا التطمين يأتي عقب اعتقال رجال أعمال سعوديين وعرب، تقول السعودية إنهم على علاقة بصفقات فساد كبّدت الدولة أموالاّ وهي تحاول استرجاعها منهم.
تسامح ديني
وفي إطار إظهار تسامحه الديني، قام الأمير محمد بن سلمان بدعوة جاستن ويلبي، رئيس الكنيسة الانجليكانية اسقف كانتربري يوم الخميس 8 مارس لزيارة المملكة. وبحسب مكتب الأسقف فإن “ولي العهد قدم التزاما قويا بدعم الاشخاص من تقاليد دينية مختلفة، وبالحوار بين الأديان في المملكة وخارجها”.
وكان ويلبي قد عبّر خلال لقائه بالأمير محمد عن “مخاوفه بخصوص القيود المفروضة على ممارسة الشعائر المسيحية في المملكة العربية السعودية وشدد على أهمية دعم الزعماء الروحيين حرية الدين والعقيدة، استنادا إلى تجربة المملكة المتحدة”.
وكالعديد من البريطانيين، تطرق ويلبي لمسألة العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، دون أن يخفي “انزعاجه بشأن الأزمة الانسانية في اليمن… وطالب بالسعي لوضع حد للنزاع”.
[caption id="attachment_6459" align="aligncenter" width="772"]

دعاية ودعاية مضادة
وعلى الرغم من وجود حملة دعائية قوية لدعم زيارة الأمير محمد بن سلمان للمملكة المتحدة تمثلت في توزيع صوره في عشرات الأماكن العامة في لندن، ووجود مقالات داعمة لمسيرة الأمير الإصلاحية، إلا أن العديد من المتابعين انتقدوا الأمر معتبرين أن صرف الأموال على تحسين صورة المملكة والأمير محمد لا تصرف النظر عن الحرب الدائرة في اليمن.
ويقول محللون خليجيون إن الحملة المناهضة لزيارة ولي العهد السعودي يتم تمويلها من قطر التي تعمد “لتشويه صورة المملكة في الخارج”، واعتبروا أن ما يُكتب في إطار الهجوم على ولي العهد وأهداف الزيارة “هي حملات مغرضة من أقلام مأجورة”.
زيارة مصر
كل ما يمكن قوله في هذا الإطار إن السعودية قامت بإعادة التأكيد على متانة علاقاتها مع حليفتها مصر على الصعيدين العسكري والاقتصادي. فبُعَيد اجتماع الأمير محمد بالرئيس المصري قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن البلدين سيواصلان العمل معاً بهدف التصدي للتدخلات الإقليمية ومحاولات بث التفرقة والتقسيم بين دول المنطقة.
كما وشدد على وجوب الاتحاد كجبهة في وجه المخاطر التي تتعرض لها الدول العربية، ومنها الإرهاب وداعميه.
يُذكر أن مصر هي حليف استراتيجي إلى جانب السعودية في الرباعية التي تضم الإمارات والبحرين في وجه قطر.
وتتهم دول الرباعية الدوحة بتمويل الإرهاب وتُطالبها بالإمتثال للائحة مطالب كانوا قد وضعوها وتتضمن: إغلاق قناة الجزيرة التي تتخذ من الدوحة مقراً لها، ووقف دعم الإرهاب وترحيل اعضاء وقياديي تنظيم الإخوان المسلمين، المحظور خليجياً، من قطر.
في المقابل ترفض الدوحة، التي تستضيف الداعية يوسف قرضاوي وغيره من قادة الإخوان المسلمين (وهو تنظيم على لائحة الإرهاب الخليجية) الإتهامات الموجهة لها وتتمسك بالحل السياسي المتمثل بطاولة حوار بلا شروط.
أما على الصعيد الإقتصادي، فقد وافق السيسي على تخصيص قطعة أرض مصرية على البحر الأحمر بمحاذاة الأراضي السعودية لتكون جزءاً من مدينة نيوم التي أعلن عنها الأمير محمد العام الماضي، وهو ما استتبع بعض الانتقادات من الداخل المصري الذي لم يتقبل حتى اليوم إرجاع مصر لجزيرتي تيران وصنافير المتنازع عليهما، للسيادة السعودية.
إسرائيل والإنتخابات بمواجهة لبنان
الوضع في لبنان على الشكل التالي: من هالك لمالك لقبّاض الأرواح.
فالجبهة الجنوبية اللبنانية تُنذِر بإمكانية تحوّلها، وبسرعة، لمسرح مناوشات عسكرية، ليس بين حزب الله وإسرائيل التي لا تزال تتمترس على أراضٍ لبنانية، بل مع الجيش اللبناني هذه المرة، والذي أخذ الضوء الأخضر من المجلس الأعلى للدفاع بمواجهة أي محاولة إسرائيلية لقضم الأراضي اللبنانية عبر الإستمرار في بناء جدار الفصل على على طول الجبهة اللبنانية الجنوبية.
وهذا الجدار يوازي جدار الفصل الذي أقامته إسرائيل لعزل البلدات الفلسطينية ولقضم آلاف الهكتارات من الأراضي الفلسطينية. ولمن لا يعرف الخط الأزرق، فهو، وبحسب الأمم المتحدة نفسها، خط ترسيم انسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلية من معظم الأراضي اللبنانية في العام 2000 وليس ترسيم الحدود بتاتاً. ولبنان يعترض على عشرات نقاط الترسيم على طول الخط الأزرق والتي هي أراضٍ لبنانية، ويُقال إن تل أبيب تسعى لضمّها بسبب موقعها الإستراتيجي وغناها بالمياه العذبة التي تفتقر إليها إسرائيل.
وكان لبنان قد حذّر إسرائيل الشهر الماضي من استمرارها في عملية بناء حائط فاصل على طول الخط الأزرق. وكان المجلس الاعلى للدفاع في لبنان قد أكد ليل الأربعاء ٧ فبراير عزمه على مواجهة اي اعتداء بحزم.
فيما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم ٨ فبراير إن “لبنان يقوم بالاتصالات مع المراجع الدولية لمواجهة الاطماع الاسرائيلية في بره وبحره”.
وأضاف في ما يتعلق بالجدار الاسمنتي، أن هناك 13 نقطة على طول الخط الأزرق متنازع عليها و “موقفنا كان واضحا وابلغناه الى كل المراجع الدولية ويركز على رفضنا بناء الجدار اذا لم يتم البت بالنقاط الـ 13 المتنازع عليها على الخط الازرق الذي ليس هو الحدود الدولية”.
وفي حال دخل الجيش اللبناني في حرب مباشرة مع عدوه الإسرائيلي، فإن هذا يعني عملياً دخول مقاتلي حزب الله اللبناني، والمدعوم إيرانياً، على خط المواجهات لدعم الجيش من منطلق مقاومة الإحتلال والإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وهو الأمر الذي يُعزز من استمراره بحمل السلاح تحت ذريعة استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية واستمرار إسرائيل بخرق سيادة لبنان وتهديد أمنه.
وبالطبع، فإن إشعال الجبهة الشمالية لإسرائيل يستتبع إشعال عدة جبهات أخرى، وهو أمر لا يصب في مصلحة الجيش الإسرائيلي الذي سيضطر عندها لتقسيم ألويته على أكثر من جبهة جنوباً (المشاكل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وشمالاً على جبهتين : لبنان وسوريا)؛ حيث أن إيران ستقوم عندئذٍ بتحريك جبهة الجولان، وهو يصب في نفس سياق ما كنا قد أشرنا إليه في مطلع هذه المقالة من أن إسرائيل تطلب ضمانات من روسيا لمنع إيران من التدخل في الجولان.
والجبهة اللبنانية-السورية الجنوبية تلوح بتباشير الغليان بدءاً من الجولان السوري المحتل، والذي تود إسرائيل ضمّه خلافاً للقرارات الدولية، إلى مزارع شبعا وكفرشوبا والعرقوب والجزء اللبناني من الغجر وبركة النقّار وغيرها من المناطق الجنوبية اللبنانية المُثبتة والمتنازع عليها.
وليس آخر تلك التباشير قيام الجيش الإسرائيلي برمي قنابل دخانية على دورية تابعة لمخابرات الجيش اللبناني داخل الأراضي اللبنانية في نوفمبر الماضي.
كما وأعلن لبنان عن تمسكه بالقانون الدولي في الحفاظ على ثروته النفطية التي قام بتلزيم التنقيب عن جزء منها فيما بات يُسمى بالبلوك البحري رقم ٩ جنوب لبنان إلي كونسورتيوم (اتحاد) يضم ثلاث شركات عالمية هي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتك الروسية .
وكان الرئيس عون قد تطرق لموضوع الرقعة 9 قائلاً “إننا نعتبر الادعاءات الاسرائيلية بملكيتها، هي اعتداء على لبنان ونحن نقوم بالاتصالات اللازمة عبر الأمم المتحدة وقيادة (قوات الطواريء الدولية) اليونيفيل وعبر الدول الصديقة ولا سيما منها الولايات المتحدة الاميركية. علما أن المجلس الأعلى للدفاع قد اتخذ قرارات واضحة في هذا المجال واعتبرنا أن أي اعتداء على أراضينا، بالبر او البحر سيواجه بحزم وتصميم على الدفاع عن السيادة والكرامة الوطنية”.
[caption id="attachment_6460" align="aligncenter" width="800"]

للتذكير: وساطة أميركية
وفي ظل اعتراض لبنان على قيام إسرائيل بخرق سيادته البرية والبحرية عبر الجدار الفاصل والتهديد المستمر للثروة النفطية، قام ديفيد ساترفيلد، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، بزيارة إسرائيل ولبنان في فبراير في مهمة وساطة.
في وقت شدد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز على الإرتكان إلى الحل الدبلوماسي للنزاع فهو ”أفضل من التهديدات… ولا تستفزونا ولا تقوموا بعمليات استكشاف داخل أو حتى بالقرب من خط التماس المتنازع عليه”.
واجرى ساترفيلد محادثات مع الرئيس عون والمسؤولين اللبنانيين حول التطورات الاخيرة في جنوب لبنان في ضوء التهديدات الاسرائيلية، بعد مباشرة اسرائيل بناء جدار اسمنتي يخرق سيادة الأراضي اللبنانية الجنوبية، بالإضافة لادعاء إسرائيل امتلاكها الرقعة رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وأبلغ اللبنانيون رفضهم للمزاعم الإسرائيلية وعدم تراجعهم عن شبر واحد من أراضي ومياه وأجواء لبنان السيادية التي تخرقها إسرائيل بشكل يومي.
وكان الأمين العام لحزب الله قد رد بأنه على الولايات المتحدة أن تقبل بمطالب لبنان بشأن الخلافات مع إسرائيل مؤكدا أن مقاتليه مستعدون للتحرك إذا لزم الأمر.
فيما أبلغ نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، أميركا أن لبنان يرفض المقترحات الحالية بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل.
وعلى خط تعزيز قدرات الجيش اللبناني قال مسؤول فرنسي الأسبوع الماضي إن بلاده ستقدم مساعدات للجيش اللبناني بقيمة 14 مليون يورو ($17 مليون) تشمل تدريباً وصواريخ مضادة للدبابات.
ولا تشمل هذه المساعدات، كالعادة، أسلحة استراتيجية، وهو ما تتخوف إسرائيل من حدوثه وتضغط لمنعه، حيث أن مناوشاتها مع الجيش اللبناني -الفقير العتاد- خلال العقدين الماضيين، لم تصب في مصلحتها.
وزار وزير الدفاع اللبناني باريس يوم الخميس الماضي للإعداد للمؤتمر الأول من بين 3 مؤتمرات تستهدف مساعدة لبنان.
الانتخابات النيابية
وبموازاة الإستفزازات الإسرائيلية للبنان، يواجه الداخل اللبناني إستحقاقاً سياسياً قد يصب الزيت على النار في مجال التحالفات التي تشكّلت قبل بدء المعركة الإنتخابية خلال الشهر القادم.
وفي إطار هذا الإستحقاق السياسي، فإنه يتم تعبئة الرأي العام المنقسم على ذاته أصلاً من قِبَل الأحزاب السياسية. وبالتالي فإن الأرضية اللبنانية حالياً مهيّئة للإنفجار في حال تم استغلالها، بخاصة في ظل التهديدات الإرهابية والتدخلات الخارجية المستمرة.
[caption id="attachment_6461" align="aligncenter" width="810"]

قطر تلتف حول الرباعية
أما في الشأن القطري، فإن الدوحة، التي تُحارب عزلها عن محيطها الخليجي من قِبَل دول الرباعية، فد التفت على الحظر المفروض عليها عبر استمرارها في عقد اتفاقيات شراكة اقتصاديا ورياضيا وثقافياً، وحتى استراتيجياً مع عدة دول عربية وخاصة في أفريقيا، التي تشهد صراعاً خفياً بين الدوحة وأبوظبي في التوسعات الاقتصادية والعسكرية هناك.
فخلال الأسبوع الماضي قامت قطر بتوقيع 3 اتفاقيات تعاون رياضية، مع كل من سوريا ولبنان والأردن. حيث وقع رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني ثلاث اتفاقيات تعاون مع كل من صلاح رمضان رئيس الاتحاد السوري، والأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني، وهاشم حيدر رئيس الاتحاد اللبناني.
كما وواكبت هذه الإتفاقيات محاولات اختراق اقتصادي ناجحة على جبهات حليفة لدول الرباعية هي الأردن والمغرب والسودان.
،وشدد الشيخ خليفة بن جاسم مؤخراً على ضرورة تعزيز التبادل التجاري (الذي يبلغ حالياً 400$ مليون) بين الدوحة والأردن.
ولوحت قطر إلى إمكانية زيادة حجم الإستثمارات القطرية في الأردن ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.
كما وقام رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، بزيارة المغرب يوم الأحد 11 مارس، بهدف توقيع عدة اتفاقيات. يُذكر أن المغرب لا يزال محافظاً على حياده بالنسبة للأزمة الخليجية المستمرة منذ العام 2016.
[caption id="attachment_6462" align="aligncenter" width="800"]

كما وكانت الرباط إحدى 3 دول أعلنت استعدادها للوساطة في ملف الأزمة الخليجية إلى جانب الكويت وسلطنة عُمان.
وعلى الجانب الإفريقي، زار وزير الخارجية القطري السودان بعد بضعة ساعات من قيام مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير.
وفيما ركّزت الزيارة المصرية للبشير على بحث سُبل عدم تأثر العلاقات بين البلدين بالتطورات الإقليمية “وأهمية التواصل بين البلدين والتحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة حتى لا تؤثر على العلاقة بين البلدين”، كانت السودان تُغازل قطر أيضاً.
وفي حين وصف وزير الدفاع السوداني عوض محمد أحمد ابن عوف العلاقة بين السودان ومصر بـ”المهمة والاستراتيجية”، أعرب وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور عن تقدير بلاده لدعم قطر “ومساندتها للسودان”، وبخاصة في مجال “اتفاقية الدوحة التي كانت السبيل للسلام في دارفور”. كما وأكد أيضاً أنه تم “مناقشة إكمال ملف الدوحة وخاصة الإعمار في دارفور” وأن مسؤولي البلدين سيستمرون باللقاء “كل 6 أشهر لمناقشة العلاقات الثنائية”.
وننهي الأمر بالشكوى الأخيرة التي تقدمت بها قطر إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والتي نددت بوجود 3 خروقات لمجالها الجوي عبر طائرات تابعة للإمارات والبحرين، اللتين تحظران الطائرات القطرية من دخول مجاليهما الجوي.
وهي ليست الشكوى الأولى من نوعها حيث اشتكت دول الرباعية العام الماضي من أن الطائرات الحربية القطرية تتصدى لطائراتهم التجارية.
وتتشابك هذه الشكاوى المتنامية مع إستمرار الإعلام في قطر ودول الرباعية بتبادل اتهامات عن محاولة كل دولة إحداث انقلاب في الدولة الأخرى أو التدخل في شؤونها الداخلية أو خلق تفرقة بين الشعب والحكم.
[caption id="attachment_6463" align="aligncenter" width="800"]

على صعيد عسكري، قد يتمخض عنه تعاون عسكري أكبر بين تركيا وقطر، من المتوقع أن يزور رئيس هيئة الأركان خلوصي أكار الدوحة هذا الشهر بمرافقة من قائد القوات البحرية التركية عدنان أوزبال.
وكان أكار قد التقى رئيس أركان القوات المسلحة القطرية غانم بن شاهين الغانم في إسطنبول يوم الأحد 11 مارس. يُذكر أن أنقرة تحتفظ بقاعدة عسكرية في قطر.
ليلى حاطوم
نيوزويك الشرق الأوسط
http://ar.newsweekme.com/