أصبح هو الرجل المنسيّ في سعي الغرب الحثيث واليائس للقضاء على مجموعة الميليشيا المُسلحة الإرهابية المسماة “داعش”. لم يظهر حتى ولو للحظة للتعر...
أصبح هو الرجل المنسيّ في سعي الغرب الحثيث واليائس للقضاء على مجموعة الميليشيا المُسلحة الإرهابية المسماة “داعش”. لم يظهر حتى ولو للحظة للتعريف عنه خلال التغطية الشاملة التي ركّزت على مقتل أسامة بن لادن، زعيم القاعدة الأسبق، في عملية لجنود النخبة في البحرية الأميركية في العام ٢٠١١. ولأعوام عدّة، كان يتم وصفه بأنه قوة مهدورة، أي بلا قيمة ولا يُعمل له أي حساب.
لكن أيمن الظواهري، مُعلم وخليفة بن لادن، يبقى لاعباً أساسياً في إحداث تهديد بالهجوم على أميركا، والذي يقول عنه الجنرال المتقاعد جون كيلي، الذي خدم في وحدة المارينز، والذي أصبح وزير شؤون أمن الدولة في الولايات المتحدة، إنّه “اليوم أسوأ ممّا خَبِرناه منذ ١٦ عاماً خلال اعتداءات ١١ سبتمبر/أيلول”. وفي حال سُمِحَ للمسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالحصول على مبتغاهم، فإنّ اسم الظواهري سيكون معروفاً ومنتشراً في العالم تماماً كما كان اسم بن لادن في وقتٍ مضى.
في مطلع أبريل/ نيسان هذا العام، قام البيت الأبيض بالموافقة على مقاربة أكثر شدة من أجل القضاء على الظواهري وعلى حلفائه المُسلحين، عبر تعيين ليزا كورتيس لرئاسة مكتب جنوب آسيا في مجلس الأمن القومي في أميركا. كورتيس، المعروفة بكونها مُحلّلة سابقة لوكالة الاستخبارات الأميركية “سي آي إيه”، وعاملة في أروقة الكونغرس الأميركي، وأحد صقور السياسة الخارجية في دوائر مجموعات الضغط في العاصمة واشنطن، تسببت بهزة في فبراير/ شباط عندما شاركت بكتابة مقال يدعم جدلية أنه “يتوجب على الولايات المتحدة أن… نُحَمِّل باكستان مسؤولية النشاطات الإرهابية لجميع الجماعات الإرهابية الموجودة على أراضيها”.
وبحسب مصادر عدّة مُطلّعة لـ “نيوزويك”، فإن وكالة الاستخبارات الداخلية في باكستان قد قامت بحماية الظواهري، الذي هو جرّاحٌ مُدَرّب، منذ أن قامت القوات العسكرية الأميركية بطرد القاعدة من أفغانستان في أواخر العام ٢٠١١.
وبحسب المصادر نفسها، فإن موقع الظواهري المحتمل اليوم هو في كاراتشي، وهي مدينة تُشَكِّلُ مرفأً بحرياً يعجّ بـ 26 مليون نسمة وتقع على البحر العربي. “مثل كل شيء في هذا الموقع، فلا يوجد دليل”، يقول بروس ريدل، عميل السي آي إيه المتقاعد الذي خدم في الجهاز لمدة ٣٠ عاماً، وكان مستشاراً للرؤساء الأميركيين الأربعة السابقين لشؤون جنوب آسيا والشرق الأوسط، مضيفاً أن “هناك مؤشرات جيدة، ومن ضمنها بعض المواد التي تم إيجادها في آبوت-أباد”، المكان الذي تم إيجاد بن لادن فيه وقتله. وأشار ريدل أنه “سيكون هذا مكاناً منطقياً للاختباء فيه، حيث يستطيع هو (الظواهري) أن يشعر بالارتياح ولا يمكن للأميركيين أن يطالوه”.
[caption id="attachment_6594" align="aligncenter" width="800"] أيمن الظواهري من القاعدة يتكلم من مكان مجهول ، في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من الفيديو الذي تم تحميله على أحد مواقع التواصل الاجتماعي 8 يونيو / حزيران 2011. لقد دعا أنصاره إلى رفض تنظيم الدولة الإسلامية وتقديم دعمهم لحركة طالبان الأفغانية.[/caption]
يمكن لكاراتشي أن تكون مكاناً “شديد الصعوبة” للولايات المتحدة الأمريكية في القيام بغارة الكوماندوس نفسها التي نفذتها في ٢ مايو/ أيار ٢٠١١ وانتهت بالوصول لبن لادن، بحسب ريدل. فالمدينة التي تخضع لرقابة شديدة، والتي تضم في الوقت نفسه مُجَمَّعاً نووياً هاماً، يُوجد فيها أيضاً قواعد بحرية وجوية عسكرية، وحيث يُمكن للقوات المُتمركزة أن تتجمع بطريقة تعترض المُغيرين الأميركيين. بالإضافة إلى أن بن لادن، مَحمِيُّ الظواهري المتوفي، ما يزال رمزاً شعبياً لدى ملايين الفقراء والمسلمين المحافظين في كاراتشي، والذين باستطاعتهم الخروج من منازلهم ومتاجرهم من أجل إيقاف الأميركيين.
“لو كان في مكانٍ ما على الحدود مع أفغانستان، أعتقد أن الإغراء كان ليكون هائلاً للحاق به”، يقول ريدل، الذي يرأس حالياً مشروع الاستخبارات في مؤسسة بروكينغز في العاصمة واشنطن. “لكن في كاراتشي، سيكون هذا الأمر صعباً للغاية وصاعقاً”.
في أول أسبوع من يناير/ كانون الثاني من العام ٢٠١٦، تحركت إدارة الرئيس باراك أوباما للنيل من الظواهري بواسطة غارة لطائرة من دون طيار في منطقة نائية في باكستان هي وادي شوال، المجاورة للحدود الأفغانية داخل المنطقة الفيدرالية الخاضعة لسيطرة القبائل، على ما أفادت به مصادر عدّة لنيوزويك. لكن الظواهري نجا، بحسب مسؤول عسكري رفيع في المنطقة، والذي كما بقية المصادر الباكستانية، طالب بأن تبقى هويته مجهولة مقابل نقاش مواضيع سياسية حسّاسة. “أتت غارة الطائرة بدون طيار على الغرفة المُحاذية لغرفة الدكتور الظواهري”، يقول الرجل لنيوزويك. “تهدّم الحائط المُشترك، وتناثر الحُطام جرّاء الانفجار على الظواهري ممّا أدى لانكسار نظارته، لكنه كان محظوظاً فنجا”.
ويضيف الرجل أن “أربعة من حراس الظواهري قُتِلوا على الفور، بينما جُرِحَ آخرٌ لكنّه تُوفي لاحقاً”. ويزيد أن الظواهري كان قد “ترك الغرفة المُستهدفة من أجل النوم في الغرفة المجاورة، قبل ١٠ دقائق من الغارة التي استهدفت تلك الغرفة”. (رفضت السي آي إيه التعليق على الغارات بواسطة طائرات من دون طيّار).
ويبدو أن زعيم القاعدة كان يتنقل في أرجاء المنطقة الفيدرالية الخاضعة لسيطرة القبائل منذ العام ٢٠٠٥ على الأقل، بحسب كتاب من المتوقع إصداره لاحقاً بعنوان “المنفى: القصة المدهشة لخفايا فرار بن لادن والقاعدة”، بقلم صحفيو الاستقصاء البريطانيين كاثي سكوت-كلارك وأدريان ليفي. “الظواهري تزوج من فتاة محلية من البشتون، وتم إعطاؤه منزلاً جديداً يُشبه مُجمَّعاً مُبنياً من الطين وحجارة القرميد في أعلى التلال”، في دامادولا، على ما كتبه الصحفيان المذكوران.
في يوليو/ تموز ٢٠١٥ كان الظواهري في وادي شوال، وغالباً بصحبة إحدى زوجاته الثلاث ومساعده الأول، سيف العدل، وهو خبير متفجرات وعقيد سابق في القوات الخاصة في الجيش المصري، بحسب المسؤول العسكري الذي تكلم مع “نيوزويك”. اليوم، في عمر الـ٦٦، يبدو أن الظواهري الذي يعاني من الوهن، قد نجا من” عدّة” غارات بطائرات من دون طيار منذ العام ٢٠٠١، بحسب مسؤول أفغاني في طالبان، لكنه “قلقٌ وحزين من الوضع العامّ للتنظيمات الإسلامية”. ويضيف أحد وزراء طالبان السابقين أن الظواهري والقاعدة “باتوا غير مرحبٍ بهم” في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم طالبان لأنها مرتبطة بمفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية ولا تريد أن يتم رؤيتها على أنها “مصدر تهديد للسلم العالمي”.
إثر عزله من المناطق القبلية، تم “نقل الظواهري إلى كاراتشي تحت توجيهات “الرِجل السوداء” وهو الاسم الرمزي الذي يطلقه الأفغان على رجال الاستخبارات الباكستانية، بحسب الزعيم العسكري الذي تحدث مع “نيوزويك”. ولربما كان يرافقه العدل، الذي تمت إدانته في الولايات المتحدة الأمريكية لارتباطه بتفجير السفارة الأميركية في نيروبي، كينيا، في العام ١٩٩٨.
ويؤكد مسؤول باكستاني سابق رفيع المستوى، والذي ما زال يحتفظ بعلاقات وثيقة مع حكومة “إسلام أباد” أن الظواهري موجود “في مدينة باكستانية كُبرى”. كاراتشي “تبدو منطقية” كملاذٍ آمنٍ، يقول المسؤول لـ “نيوزويك”، نظراً للتعاطف الواسع فيها مع التنظيم الإسلامي المُسلح، وشوارعها المكتظة التي تعود للقرن التاسع عشر، وتواجد الجيش الباكستاني فيها. لكنه يقول إنه “متأكدٌ ١٠٠ بالمئة” أن ابن بن لادن، حمزة، وهو قوة صاعدة داخل القاعدة، موجودٌ أيضاً في الدولة تحت حماية وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية. (يقول عبد سعيد، وهو متحدث بإسم السفارة الباكستانية في العاصمة واشنطن، إن هذه الادعاءات “هي جزء من حملة إعلامية مُغرِضَة”، وإن “الإنجازات التي حققتها باكستان ضد القاعدة لا يمكن مضاهاتها وهي مُثبَتة”).
[caption id="attachment_6593" align="aligncenter" width="768"]
بحسب المصادر، فإن موقع الظواهري المحتمل اليوم هو في كاراتشي، وهي مدينة تُشَكِّلُ مرفأً بحرياً يعجّ بـ 26 مليون نسمة وتقع على البحر العربي.[/caption]
حمزة، وهو الابن الـ١١ لمؤسس تنظيم القاعدة، ظهر في العام الماضي كـ “أمير” أو قائد للتنظيم، لكن الخبراء يعتقدون بأنه تمت تهيئته من قِبَل الظواهري الأكبر سناً والأكثر حكمة، ليكون الوجه المُلهِم للتنظيم. وتبيّن لاحقاً أن حمزة طموح: ففي فيديو ظهر في يوليو/ تموز من العام ٢٠١٦، تعهّد حمزة بالثأر من الولايات المتحدة الأمريكية لاغتيال والده. في يناير/ كانون الثاني، أسمته وزارة الخارجية الأميركية رسمياً بـ “الإرهابي العالمي المفوّض” وأعلنت سلسلة من العقوبات لعزله اقتصاديا وجغرافياً.
لعقودً من الزمن، تحمّلت واشنطن حماية إسلام أباد للقاعدة، ولبن لادن ولمجموعة طالبان الأفغانية (التي تراها وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية على أنها رادع في وجه التأثير الهندي في أفغانستان) لأنها كانت ترى باكستان كحليف، على الرغم من ضعف هذا التحالف، “في حرب الولايات المتحدة العالمية على الإرهاب”. لكن غزل إسلام أباد مع القاعدة، وعدم تقييدها لإنتاجها من الأسلحة النووية وهجومها المستمر على الهند، صديقة الولايات المتحدة، عبر مجموعات مسلحة مدعومة من قِبَل وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية، قد أضْعَفَ علاقاتها بواشنطن، خاصّة مع إدارة ترمب.
في مقالتها التي تشد الانتباه والتي نُشِرَت في فبراير/ شباط في معهد هدسون المحافظ، والتي كتبتها إلى جانب حسين حقاني، وهو سفير باكستان الأسبق لدى الولايات المتحدة، تحض كورتيس على أن الوقت قد حان لـ “تفادي رؤية باكستان وتصويرها على أنها حليف. إن الإدارة الأميركية الجديدة عليها معرفة أن باكستان ليست حليفة لأميركا”. اليوم، كورتيس هي المسؤول الأول في البيت الأبيض عن باكستان والهند.
لن يُسمَح لإسلام أباد بعد اليوم بممارسة “لعبة مزدوجة” مع واشنطن، بحماية إرهابيين معادين للولايات المتحدة من جهة، والاستمتاع بمكانة شبه الحليف الرسمي من جهةٍ أخرى، بحسب ما كتبته كورتيس وحقاني. “لزمنٍ طويل، تغاضت الولايات المتحدة عن دعم باكستان بالنسبة لدعمها لبعض المجموعات الإرهابية التي تتخذ من باكستان مقراً لها، ومن ضمنها المجموعات التي تم استعمالها ضد الهند”، كتب الاثنان. “على الولايات المتحدة ألا تقبل بعد اليوم بأعذار باكستان لتأجيل ضربات مُحققة ضد تلك المجموعات الإرهابية، ويجب عليها، بدلاً من ذلك، أن تُحَمِّلَ مسؤولية نشاطات المجموعات الإرهابية كافة على أراضيها”.
ولم تتخذ الإدارة الأميركية الجديدة بعد موقفاً رسمياً تجاه إسلام أباد، لكن من المحتمل أن تكون الخطوة الأولى مزيداً من اقتطاع في المساعدات العسكرية الأميركية المباشرة، والتي لامست ١.٦ مليار دولار في العام ٢٠١١، إلا إذا غيرت باكستان منهجها. وفي العام ٢٠١٣، قامت إدارة أوباما “بحجز ٣٠٠ مليون دولار من التعويضات لباكستان بسبب فشل هذه الأخيرة في تحجيم شبكة حقاني”، المسؤولة عن مقتل المئات من الأميركيين في أفغانستان، بحسب مورتيس وحقاني، لكن على واشنطن عدم التردد في استعمال السوط بشكل أكبر. إذا لم يستطع مسؤولو إسلام أباد السياسيون، أو رفضوا، وضع وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية تحت السيطرة وتسليم الظواهري، وحمزة بن لادن وزعماء مسلحين آخرين، فإن واشنطن قد تُطلق عنانها النووي بوجه باكستان -من الناحية الديبلوماسية- عبر إعلانها أنها دولة داعمة للإرهاب. في مارس/ آذار، قام البرلماني الجمهوري عن ولاية تكساس، تيد بو، بإعادة اقتراح مسودة قانونه المرتبطة بهذا الشأن تحديداً.
لا يوجد إشارة في تغيير باكستان لنهجها، يقول ريدل، فموقف إسلام أباد من الظواهري بقي كما هو بالنسبة لموقفها من أسامة بن لادن أي”نحن لا نعرفه. هو لم يكن هنا، ولن نسمح له بالعودة مجدداً”، أو أي شيءٍ من هذا القبيل. إن موقفهم الرسمي حتى مايو/ أيار ٢٠١١ كان “أسامة بن لادن لم يكن يوماً في باكستان، بالإضافة إلى أنه ميت”.
[caption id="attachment_6595" align="aligncenter" width="800"]
الرئيس دونالد ترامب يلوح عندما يصل إلى مطار بالم بيتش الدولي في وست بالم بيتش ، فلوريدا ، في 13 أبريل 2017.[/caption]
بتأثير من كورتيس، وبوجود العديد من الجنرالات المنتشرين في الإدارة، فإنه من المرجح أن يقوم ترمب بإبلاغ باكستان بـ “أننا لن نتحمل الملاذات الآمنة، وهذا يعني أننا سنكون مستعدين لمهاجمتهم أحادياً”، يقول ريدل. يُذكر أن عدد الغارات التي تقوم بها الطائرات بدون طيار قد انخفضت تدريجياً في الأعوام الأخيرة من ٢٥ ضربة في العام ٢٠١٤ إلى ١٣ في العام ٢٠١٥ وإلى ٣ في العام الماضي، بحسب مكتب الصحافة الاستقصائية ومقره لندن. بعض الناقدين يقولون إن أثر ضرر الضربات على القاعدة والمجموعات المسلحة الأخرى بالكاد يُذكر، بينما أنتجت ضحايا مدنيين وهو ما غذى الكراهية ضد الولايات المتحدة الأميركية. مايكل هايدن، الذي نسّق هذه الضربات عندما كان مديراً للسي آي إيه بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٩، يُعارض هذا الادعاء بشدة. “أؤمن بأنه من العدل القول أن برنامج القتل الموجه كان الأكثر دقة وفعالية في تاريخ المواجهات المسلحة للجيش”، بحسب ما كتبه العام الماضي.
إنه لمن الأفضل أن يعمل شيءٌ ما يوجع القاعدة، لأنها تبقى قوة كامنة ولديها الطموح والقدرة على إطلاق هجوم جديد مُميّز ضد الولايات المتحدة، يقول ريدل وغيره من المصادر التي تحدث معها “نيوزويك”. ويشير ريدل إلى مخطط للقاعدة يعود للعام ٢٠١٤ لتعيين متعاطفين مع القاعدة داخل فرقاطة باكستانية، واختطافها واستعمالها “لمهاجمة سفن البحرية الأميركية في المحيط الهندي، أو لربما السفن الهندية، وربما الإثنين معاً”. تخيلوا فقط أن فرقاطة باكستانية محملة بالمتفجرات ــأو جهازاً نووياًــ “أغرقت مقاتلة أميركية بحرية أو جويّة… إن من شأن هذا أن يغير التاريخ”. لربما لم يكن الظواهري وحمزة بن لادن يفكرون على هذا المستوى، لكن مخطط عام ٢٠١٤، الذي أحبطته قوات الأمن الباكستاني، يُظهر أن “طموحهم كان كبيراً”.
“النية من وراء هذه العملية لم تكن تفجير قطار او دهس الناس بواسطة شاحنات أو شيء من هذا القبيل”، يقول ريدل. “إن النية من وراء هذا العمل هو إحداث تداعيات جيوسياسية تماماً مثل تداعيات أحداث ١١ سبتمبر/ أيلول الجيوسياسية”، وبحسب ديبلوماسي غربي قامت “نيوزويك” بمقابلته، والذي طلب إبقاء هويته مجهولة مقابل مناقشة معلومات حساسة، فإن القاعدة ما زال لديها هذا الاهتمام بشن هجمات “تتعلق بالملاحة الجوية”.
ويبدو أن الظواهري قد بقي “صامتاً بشكلٍ ملفتٍ في ما يتعلق بترمب”، يقول ريدل، وهو يُقسم بأن أحداً لن يتمكن من القبض عليه حيّاً، بحسب الزعيم العسكري الذي تكلّم مع الظواهري منذ أشهر عدّة في منطقة القبائل. هو يقبع حالياً في إحدى المدن الباكستانية الكُبرى، محمياً من وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية، ولديه “أمنية أخيرة يائسة”، يقول الزعيم العسكري، وهي القيام بعمل عسكري كبير أخير ضد أميركا “قبل أن يُغمِض عيناه”.
كيف لترمب أن يقلب باكستان ضد الظواهري، يبقى أمراً مثار تخمينات الجميع ــوقد لا يحدث ذلك أبداً. والبيت الأبيض لم يجاوب على أي طلب بالتعليق. لكن مع تحرك كورتيس من مجموعات الضغط نحو البيت الأبيض، فإن الثمن الذي تدفعه باكستان بسبب إيوائها للظواهري سيرتفع من دون أدنى شك.
جيف ستاين
نيوزويك في جنوب آسيا ساهمت في هذا الموضوع.
المصدر: مجلة نيوزويك الشرق الأوسط
http://ar.newsweekme.com/
لكن أيمن الظواهري، مُعلم وخليفة بن لادن، يبقى لاعباً أساسياً في إحداث تهديد بالهجوم على أميركا، والذي يقول عنه الجنرال المتقاعد جون كيلي، الذي خدم في وحدة المارينز، والذي أصبح وزير شؤون أمن الدولة في الولايات المتحدة، إنّه “اليوم أسوأ ممّا خَبِرناه منذ ١٦ عاماً خلال اعتداءات ١١ سبتمبر/أيلول”. وفي حال سُمِحَ للمسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالحصول على مبتغاهم، فإنّ اسم الظواهري سيكون معروفاً ومنتشراً في العالم تماماً كما كان اسم بن لادن في وقتٍ مضى.
في مطلع أبريل/ نيسان هذا العام، قام البيت الأبيض بالموافقة على مقاربة أكثر شدة من أجل القضاء على الظواهري وعلى حلفائه المُسلحين، عبر تعيين ليزا كورتيس لرئاسة مكتب جنوب آسيا في مجلس الأمن القومي في أميركا. كورتيس، المعروفة بكونها مُحلّلة سابقة لوكالة الاستخبارات الأميركية “سي آي إيه”، وعاملة في أروقة الكونغرس الأميركي، وأحد صقور السياسة الخارجية في دوائر مجموعات الضغط في العاصمة واشنطن، تسببت بهزة في فبراير/ شباط عندما شاركت بكتابة مقال يدعم جدلية أنه “يتوجب على الولايات المتحدة أن… نُحَمِّل باكستان مسؤولية النشاطات الإرهابية لجميع الجماعات الإرهابية الموجودة على أراضيها”.
وبحسب مصادر عدّة مُطلّعة لـ “نيوزويك”، فإن وكالة الاستخبارات الداخلية في باكستان قد قامت بحماية الظواهري، الذي هو جرّاحٌ مُدَرّب، منذ أن قامت القوات العسكرية الأميركية بطرد القاعدة من أفغانستان في أواخر العام ٢٠١١.
وبحسب المصادر نفسها، فإن موقع الظواهري المحتمل اليوم هو في كاراتشي، وهي مدينة تُشَكِّلُ مرفأً بحرياً يعجّ بـ 26 مليون نسمة وتقع على البحر العربي. “مثل كل شيء في هذا الموقع، فلا يوجد دليل”، يقول بروس ريدل، عميل السي آي إيه المتقاعد الذي خدم في الجهاز لمدة ٣٠ عاماً، وكان مستشاراً للرؤساء الأميركيين الأربعة السابقين لشؤون جنوب آسيا والشرق الأوسط، مضيفاً أن “هناك مؤشرات جيدة، ومن ضمنها بعض المواد التي تم إيجادها في آبوت-أباد”، المكان الذي تم إيجاد بن لادن فيه وقتله. وأشار ريدل أنه “سيكون هذا مكاناً منطقياً للاختباء فيه، حيث يستطيع هو (الظواهري) أن يشعر بالارتياح ولا يمكن للأميركيين أن يطالوه”.
[caption id="attachment_6594" align="aligncenter" width="800"] أيمن الظواهري من القاعدة يتكلم من مكان مجهول ، في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من الفيديو الذي تم تحميله على أحد مواقع التواصل الاجتماعي 8 يونيو / حزيران 2011. لقد دعا أنصاره إلى رفض تنظيم الدولة الإسلامية وتقديم دعمهم لحركة طالبان الأفغانية.[/caption]
يمكن لكاراتشي أن تكون مكاناً “شديد الصعوبة” للولايات المتحدة الأمريكية في القيام بغارة الكوماندوس نفسها التي نفذتها في ٢ مايو/ أيار ٢٠١١ وانتهت بالوصول لبن لادن، بحسب ريدل. فالمدينة التي تخضع لرقابة شديدة، والتي تضم في الوقت نفسه مُجَمَّعاً نووياً هاماً، يُوجد فيها أيضاً قواعد بحرية وجوية عسكرية، وحيث يُمكن للقوات المُتمركزة أن تتجمع بطريقة تعترض المُغيرين الأميركيين. بالإضافة إلى أن بن لادن، مَحمِيُّ الظواهري المتوفي، ما يزال رمزاً شعبياً لدى ملايين الفقراء والمسلمين المحافظين في كاراتشي، والذين باستطاعتهم الخروج من منازلهم ومتاجرهم من أجل إيقاف الأميركيين.
“لو كان في مكانٍ ما على الحدود مع أفغانستان، أعتقد أن الإغراء كان ليكون هائلاً للحاق به”، يقول ريدل، الذي يرأس حالياً مشروع الاستخبارات في مؤسسة بروكينغز في العاصمة واشنطن. “لكن في كاراتشي، سيكون هذا الأمر صعباً للغاية وصاعقاً”.
في أول أسبوع من يناير/ كانون الثاني من العام ٢٠١٦، تحركت إدارة الرئيس باراك أوباما للنيل من الظواهري بواسطة غارة لطائرة من دون طيار في منطقة نائية في باكستان هي وادي شوال، المجاورة للحدود الأفغانية داخل المنطقة الفيدرالية الخاضعة لسيطرة القبائل، على ما أفادت به مصادر عدّة لنيوزويك. لكن الظواهري نجا، بحسب مسؤول عسكري رفيع في المنطقة، والذي كما بقية المصادر الباكستانية، طالب بأن تبقى هويته مجهولة مقابل نقاش مواضيع سياسية حسّاسة. “أتت غارة الطائرة بدون طيار على الغرفة المُحاذية لغرفة الدكتور الظواهري”، يقول الرجل لنيوزويك. “تهدّم الحائط المُشترك، وتناثر الحُطام جرّاء الانفجار على الظواهري ممّا أدى لانكسار نظارته، لكنه كان محظوظاً فنجا”.
ويضيف الرجل أن “أربعة من حراس الظواهري قُتِلوا على الفور، بينما جُرِحَ آخرٌ لكنّه تُوفي لاحقاً”. ويزيد أن الظواهري كان قد “ترك الغرفة المُستهدفة من أجل النوم في الغرفة المجاورة، قبل ١٠ دقائق من الغارة التي استهدفت تلك الغرفة”. (رفضت السي آي إيه التعليق على الغارات بواسطة طائرات من دون طيّار).
ويبدو أن زعيم القاعدة كان يتنقل في أرجاء المنطقة الفيدرالية الخاضعة لسيطرة القبائل منذ العام ٢٠٠٥ على الأقل، بحسب كتاب من المتوقع إصداره لاحقاً بعنوان “المنفى: القصة المدهشة لخفايا فرار بن لادن والقاعدة”، بقلم صحفيو الاستقصاء البريطانيين كاثي سكوت-كلارك وأدريان ليفي. “الظواهري تزوج من فتاة محلية من البشتون، وتم إعطاؤه منزلاً جديداً يُشبه مُجمَّعاً مُبنياً من الطين وحجارة القرميد في أعلى التلال”، في دامادولا، على ما كتبه الصحفيان المذكوران.
في يوليو/ تموز ٢٠١٥ كان الظواهري في وادي شوال، وغالباً بصحبة إحدى زوجاته الثلاث ومساعده الأول، سيف العدل، وهو خبير متفجرات وعقيد سابق في القوات الخاصة في الجيش المصري، بحسب المسؤول العسكري الذي تكلم مع “نيوزويك”. اليوم، في عمر الـ٦٦، يبدو أن الظواهري الذي يعاني من الوهن، قد نجا من” عدّة” غارات بطائرات من دون طيار منذ العام ٢٠٠١، بحسب مسؤول أفغاني في طالبان، لكنه “قلقٌ وحزين من الوضع العامّ للتنظيمات الإسلامية”. ويضيف أحد وزراء طالبان السابقين أن الظواهري والقاعدة “باتوا غير مرحبٍ بهم” في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم طالبان لأنها مرتبطة بمفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية ولا تريد أن يتم رؤيتها على أنها “مصدر تهديد للسلم العالمي”.
إثر عزله من المناطق القبلية، تم “نقل الظواهري إلى كاراتشي تحت توجيهات “الرِجل السوداء” وهو الاسم الرمزي الذي يطلقه الأفغان على رجال الاستخبارات الباكستانية، بحسب الزعيم العسكري الذي تحدث مع “نيوزويك”. ولربما كان يرافقه العدل، الذي تمت إدانته في الولايات المتحدة الأمريكية لارتباطه بتفجير السفارة الأميركية في نيروبي، كينيا، في العام ١٩٩٨.
ويؤكد مسؤول باكستاني سابق رفيع المستوى، والذي ما زال يحتفظ بعلاقات وثيقة مع حكومة “إسلام أباد” أن الظواهري موجود “في مدينة باكستانية كُبرى”. كاراتشي “تبدو منطقية” كملاذٍ آمنٍ، يقول المسؤول لـ “نيوزويك”، نظراً للتعاطف الواسع فيها مع التنظيم الإسلامي المُسلح، وشوارعها المكتظة التي تعود للقرن التاسع عشر، وتواجد الجيش الباكستاني فيها. لكنه يقول إنه “متأكدٌ ١٠٠ بالمئة” أن ابن بن لادن، حمزة، وهو قوة صاعدة داخل القاعدة، موجودٌ أيضاً في الدولة تحت حماية وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية. (يقول عبد سعيد، وهو متحدث بإسم السفارة الباكستانية في العاصمة واشنطن، إن هذه الادعاءات “هي جزء من حملة إعلامية مُغرِضَة”، وإن “الإنجازات التي حققتها باكستان ضد القاعدة لا يمكن مضاهاتها وهي مُثبَتة”).
[caption id="attachment_6593" align="aligncenter" width="768"]

حمزة، وهو الابن الـ١١ لمؤسس تنظيم القاعدة، ظهر في العام الماضي كـ “أمير” أو قائد للتنظيم، لكن الخبراء يعتقدون بأنه تمت تهيئته من قِبَل الظواهري الأكبر سناً والأكثر حكمة، ليكون الوجه المُلهِم للتنظيم. وتبيّن لاحقاً أن حمزة طموح: ففي فيديو ظهر في يوليو/ تموز من العام ٢٠١٦، تعهّد حمزة بالثأر من الولايات المتحدة الأمريكية لاغتيال والده. في يناير/ كانون الثاني، أسمته وزارة الخارجية الأميركية رسمياً بـ “الإرهابي العالمي المفوّض” وأعلنت سلسلة من العقوبات لعزله اقتصاديا وجغرافياً.
لعقودً من الزمن، تحمّلت واشنطن حماية إسلام أباد للقاعدة، ولبن لادن ولمجموعة طالبان الأفغانية (التي تراها وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية على أنها رادع في وجه التأثير الهندي في أفغانستان) لأنها كانت ترى باكستان كحليف، على الرغم من ضعف هذا التحالف، “في حرب الولايات المتحدة العالمية على الإرهاب”. لكن غزل إسلام أباد مع القاعدة، وعدم تقييدها لإنتاجها من الأسلحة النووية وهجومها المستمر على الهند، صديقة الولايات المتحدة، عبر مجموعات مسلحة مدعومة من قِبَل وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية، قد أضْعَفَ علاقاتها بواشنطن، خاصّة مع إدارة ترمب.
في مقالتها التي تشد الانتباه والتي نُشِرَت في فبراير/ شباط في معهد هدسون المحافظ، والتي كتبتها إلى جانب حسين حقاني، وهو سفير باكستان الأسبق لدى الولايات المتحدة، تحض كورتيس على أن الوقت قد حان لـ “تفادي رؤية باكستان وتصويرها على أنها حليف. إن الإدارة الأميركية الجديدة عليها معرفة أن باكستان ليست حليفة لأميركا”. اليوم، كورتيس هي المسؤول الأول في البيت الأبيض عن باكستان والهند.
لن يُسمَح لإسلام أباد بعد اليوم بممارسة “لعبة مزدوجة” مع واشنطن، بحماية إرهابيين معادين للولايات المتحدة من جهة، والاستمتاع بمكانة شبه الحليف الرسمي من جهةٍ أخرى، بحسب ما كتبته كورتيس وحقاني. “لزمنٍ طويل، تغاضت الولايات المتحدة عن دعم باكستان بالنسبة لدعمها لبعض المجموعات الإرهابية التي تتخذ من باكستان مقراً لها، ومن ضمنها المجموعات التي تم استعمالها ضد الهند”، كتب الاثنان. “على الولايات المتحدة ألا تقبل بعد اليوم بأعذار باكستان لتأجيل ضربات مُحققة ضد تلك المجموعات الإرهابية، ويجب عليها، بدلاً من ذلك، أن تُحَمِّلَ مسؤولية نشاطات المجموعات الإرهابية كافة على أراضيها”.
ولم تتخذ الإدارة الأميركية الجديدة بعد موقفاً رسمياً تجاه إسلام أباد، لكن من المحتمل أن تكون الخطوة الأولى مزيداً من اقتطاع في المساعدات العسكرية الأميركية المباشرة، والتي لامست ١.٦ مليار دولار في العام ٢٠١١، إلا إذا غيرت باكستان منهجها. وفي العام ٢٠١٣، قامت إدارة أوباما “بحجز ٣٠٠ مليون دولار من التعويضات لباكستان بسبب فشل هذه الأخيرة في تحجيم شبكة حقاني”، المسؤولة عن مقتل المئات من الأميركيين في أفغانستان، بحسب مورتيس وحقاني، لكن على واشنطن عدم التردد في استعمال السوط بشكل أكبر. إذا لم يستطع مسؤولو إسلام أباد السياسيون، أو رفضوا، وضع وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية تحت السيطرة وتسليم الظواهري، وحمزة بن لادن وزعماء مسلحين آخرين، فإن واشنطن قد تُطلق عنانها النووي بوجه باكستان -من الناحية الديبلوماسية- عبر إعلانها أنها دولة داعمة للإرهاب. في مارس/ آذار، قام البرلماني الجمهوري عن ولاية تكساس، تيد بو، بإعادة اقتراح مسودة قانونه المرتبطة بهذا الشأن تحديداً.
لا يوجد إشارة في تغيير باكستان لنهجها، يقول ريدل، فموقف إسلام أباد من الظواهري بقي كما هو بالنسبة لموقفها من أسامة بن لادن أي”نحن لا نعرفه. هو لم يكن هنا، ولن نسمح له بالعودة مجدداً”، أو أي شيءٍ من هذا القبيل. إن موقفهم الرسمي حتى مايو/ أيار ٢٠١١ كان “أسامة بن لادن لم يكن يوماً في باكستان، بالإضافة إلى أنه ميت”.
[caption id="attachment_6595" align="aligncenter" width="800"]

بتأثير من كورتيس، وبوجود العديد من الجنرالات المنتشرين في الإدارة، فإنه من المرجح أن يقوم ترمب بإبلاغ باكستان بـ “أننا لن نتحمل الملاذات الآمنة، وهذا يعني أننا سنكون مستعدين لمهاجمتهم أحادياً”، يقول ريدل. يُذكر أن عدد الغارات التي تقوم بها الطائرات بدون طيار قد انخفضت تدريجياً في الأعوام الأخيرة من ٢٥ ضربة في العام ٢٠١٤ إلى ١٣ في العام ٢٠١٥ وإلى ٣ في العام الماضي، بحسب مكتب الصحافة الاستقصائية ومقره لندن. بعض الناقدين يقولون إن أثر ضرر الضربات على القاعدة والمجموعات المسلحة الأخرى بالكاد يُذكر، بينما أنتجت ضحايا مدنيين وهو ما غذى الكراهية ضد الولايات المتحدة الأميركية. مايكل هايدن، الذي نسّق هذه الضربات عندما كان مديراً للسي آي إيه بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٩، يُعارض هذا الادعاء بشدة. “أؤمن بأنه من العدل القول أن برنامج القتل الموجه كان الأكثر دقة وفعالية في تاريخ المواجهات المسلحة للجيش”، بحسب ما كتبه العام الماضي.
إنه لمن الأفضل أن يعمل شيءٌ ما يوجع القاعدة، لأنها تبقى قوة كامنة ولديها الطموح والقدرة على إطلاق هجوم جديد مُميّز ضد الولايات المتحدة، يقول ريدل وغيره من المصادر التي تحدث معها “نيوزويك”. ويشير ريدل إلى مخطط للقاعدة يعود للعام ٢٠١٤ لتعيين متعاطفين مع القاعدة داخل فرقاطة باكستانية، واختطافها واستعمالها “لمهاجمة سفن البحرية الأميركية في المحيط الهندي، أو لربما السفن الهندية، وربما الإثنين معاً”. تخيلوا فقط أن فرقاطة باكستانية محملة بالمتفجرات ــأو جهازاً نووياًــ “أغرقت مقاتلة أميركية بحرية أو جويّة… إن من شأن هذا أن يغير التاريخ”. لربما لم يكن الظواهري وحمزة بن لادن يفكرون على هذا المستوى، لكن مخطط عام ٢٠١٤، الذي أحبطته قوات الأمن الباكستاني، يُظهر أن “طموحهم كان كبيراً”.
“النية من وراء هذه العملية لم تكن تفجير قطار او دهس الناس بواسطة شاحنات أو شيء من هذا القبيل”، يقول ريدل. “إن النية من وراء هذا العمل هو إحداث تداعيات جيوسياسية تماماً مثل تداعيات أحداث ١١ سبتمبر/ أيلول الجيوسياسية”، وبحسب ديبلوماسي غربي قامت “نيوزويك” بمقابلته، والذي طلب إبقاء هويته مجهولة مقابل مناقشة معلومات حساسة، فإن القاعدة ما زال لديها هذا الاهتمام بشن هجمات “تتعلق بالملاحة الجوية”.
ويبدو أن الظواهري قد بقي “صامتاً بشكلٍ ملفتٍ في ما يتعلق بترمب”، يقول ريدل، وهو يُقسم بأن أحداً لن يتمكن من القبض عليه حيّاً، بحسب الزعيم العسكري الذي تكلّم مع الظواهري منذ أشهر عدّة في منطقة القبائل. هو يقبع حالياً في إحدى المدن الباكستانية الكُبرى، محمياً من وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية، ولديه “أمنية أخيرة يائسة”، يقول الزعيم العسكري، وهي القيام بعمل عسكري كبير أخير ضد أميركا “قبل أن يُغمِض عيناه”.
كيف لترمب أن يقلب باكستان ضد الظواهري، يبقى أمراً مثار تخمينات الجميع ــوقد لا يحدث ذلك أبداً. والبيت الأبيض لم يجاوب على أي طلب بالتعليق. لكن مع تحرك كورتيس من مجموعات الضغط نحو البيت الأبيض، فإن الثمن الذي تدفعه باكستان بسبب إيوائها للظواهري سيرتفع من دون أدنى شك.
جيف ستاين
نيوزويك في جنوب آسيا ساهمت في هذا الموضوع.
المصدر: مجلة نيوزويك الشرق الأوسط
http://ar.newsweekme.com/