هزت قضية الطبيب الأميركي لاري نصار الرأي العام، بعدما قام بالتحرش جنسياً بأكثر من 265 رياضية وطفلة على مدى 20 عاماً، منهن رياضيات في الفريق ...
هزت قضية الطبيب الأميركي لاري نصار الرأي العام، بعدما قام بالتحرش جنسياً بأكثر من 265 رياضية وطفلة على مدى 20 عاماً، منهن رياضيات في الفريق الوطني الأولمبي في لعبة الجمباز.
مُتجرداً من إنسانيته، خرق نصّار بفعله الشنيع هذا، جميع المباديء التي أقسم الحفاظ عليها عندما أصبح طبيباً.
وعليه، فلقد شوّه نصّار صورة الطبيب النبيل في عيون الصغيرات من ضحاياه، اللاتي سلبهُنّ براءتهن وطفولتهن، مخلفاً في تلك القلوب الصغيرة جروحاً لا تبرأ.
وقد تذرّع نصّار بالبراءة بداية، لكن التحقيق سرعان ما أثبت جرمه وكشف عن وجود ٣٧ ألف صورة ومقطع فيديو تتضمن مشاهد إباحية للأطفال والقاصرين، قام الطبيب المجرم بجمعها على مدى ١٤ عاماً.
[caption id="attachment_6637" align="aligncenter" width="768"]
وجه الشر: الذئب البشري الذي تنكّر في ثياب طبيب[/caption]
وكان أول من فضح نصّار، لاعبة الفريق الأولمبي رايتشل دينولاندر في مقابلة إعلامية. فقد كشفت موضوع تعرضها لاعتداءات جسدية وجنسية على يد نصار في أثناء عمليات الفحص الدورية، حين كانت تبلغ من العمر ١٥ عاما. والأغرب، أن نصّار قام بفعلته الشنيعة بينما كانت والدة دينولاندر في نفس الغرفة. وما شجّع الفتاة على الكلام هو انتشار حملة #metoo (أي أنا أيضاً) التي أطلقتها نساء لمحاربة التحرش الجنسي والإغتصاب وفضح المعتدين في أميركا.
ساهمت شجاعة دينولاندر بدفع مزيد من ضحايا نصّار بالتقدم للإدلاء بشهادتهن ورفع قضايا ضده؛ وقد بلغ عددهن 160شابة.
[caption id="attachment_6638" align="aligncenter" width="768"]
دينولاندر خلال محاكمة نصّار[/caption]
وفي أثناء المحاكمة، اعطت القاضية روزماري أكويلينا الفرصة للفتيات وأهاليهن بالتنفيس عن غضبهن المكبوت طوال تلك السنين، فقاموا بسرد قصص معاناتهن خلال وبعد اعتداء نصّار عليهن؛ فيما قبع المجرم يستمع لتلك الشهادات مطأطىء الرأس دون أن يجرؤ على النظر في عيون ضحاياه.
وقد صدر بحق نصّار عدة أحكام بالسجن تراوحت ما بين 40 عاماً و 175 عاماً، وهو الأمر الذي لم يستسغه أهالي الضحايا، وحاول بعضهم ضرب هذا الذئب البشري داخل قاعة المحكمة.
ففي إحدى أكثر الجلسات تأثيراً، اندفع والد ثلاث من ضحايا نصار فجأة نحوه قبل أن يعترضه شرطيان، وذلك بعد أن سمع شهادة اثنتين من بناته، وبعدما رفضت القاضية طلبه بوضعه مع نصّار في غرفة مغلقة لبضع دقائق. وبدأ الوالد بالصراخ والشتم خلال تقييد الشرطيين له، قبل التوجه إلى المدعية العامة انجيلا بوفيلايتيس قائلاً “أنتم لم تقاسوا ما عشته”.
[caption id="attachment_6639" align="aligncenter" width="768"]
راندال مارغريفز، والد 3 من ضحايا نصّار، لحظة هجومه على الطبيب[/caption]
ومن أفظع ما قام به نصّار هو استغلاله لثقة والدي إحدى ضحاياه وتُدعى كايلي، كونه صديق العائلة المقرّب؛ فقام بإغتصابها عندما كانت في السادسة من عمرها، ومن ثم نجح في إقناع والديها بأنها تكذب عندما أخبرتهما عن الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها على يده.
وقد توجهت كايلي في قاعة المحكمة إلى نصّار بعبارة: ”أنت كاذب ومقزز“.
وأضافت: ”لقد أقنعت والدي بأني كاذبة، واستعملت جسدي لمدة ست سنوات لاشباع رغباتك الجنسية وهذا أمر لايمكن أن اسامحك عليه. كنت أشعر وكأنني في عالم آخر، وبدأت أتساءل هل ما أمرّ به حقيقة؟ وهل فعلا تعرضت للاعتداء الجنسي؟ وبغية الحفاظ على قواي العقلية أجبرت نفسي على استذكار كل ما مررت به كي لا أنسى ما عانيت ولا أبدو كاذبة“.
يذكر أن كايلي استمرت بالعمل كمربية لأطفال نصار لحمايتهم من والدهم المفترس، ولحاجتها إلى المال لدفع نفقات جلسات العلاج النفسي لمعالجة آثار الاعتداءات التي تعرضت لها.
ومن بين ضحايا نصار أيضاً البطلة الأولمبية سايمون بايلز الحائزة على أربع ميداليات ذهبية وبرونزية واحدة في أولمبياد ريو 2016، وعمرها اليوم 20 عاما.
قالت بايلز خلال المحاكمة: “أشعر بالقهر كلما تذكرت ما مررت به على يد نصار، ويتحطم قلبي عندما أعود مجددا إلى الأماكن التي تعرضت فيها للاعتداء بهدف الاستعداد لأولمبياد طوكيو 2020“.
ولم يقتصر أثر ما فعله نصّار بالفتيات على الاعتداء الجنسي. فإحدى ضحاياه الصغيرات تأثرت بشدة مما فعله لها لدرجة أنها اتجهت لعالم المخدرات للهروب من ألم المعاناة، قبل أن تضع حداً لحياتها بعمر 23 سنة.
[caption id="attachment_6640" align="aligncenter" width="768"]
إيرين بلاير… التي اعتدى عليها نصّار خلال الفحص الطبي الدوري[/caption]
وقالت والدتها وهي تجهش بالبكاء: ”انتحرت ابنتي لأنها لم تعد تحتمل الألم والعذاب الذين كانت تعانيهما بسبب ما مرت به“.
وأتى اعتذار الطبيب المتوحش صورة من ذر الرماد في العيون فلم تتقبله الضحايا وأسرهن.
فقد قال نصّار بأنه “يشعر بالأسف الشديد”، لما شبهه “بحريق غابة بسبب عود كبريت”.
كما وأضاف بلهجة تخلو من الندم إنه يريد ” أن يتعافي الضحايا، وأبناء المنطقة مما جرى لهم”، مشددا على أنه ليس “على عداء مع أحد، كل ماأريده هو أن يتعافوا، لقد حان الوقت لذلك“.
ورفضت القاضية قبول اعتذاره قائلة: ”لقد قمت باستغلال مركزك والثقة التي تم منحها لك بأبشع صورة ممكنة، لقد اعتديت على الأطفال“.
وبالتالي فإن اعتذاره لن يُرجع براءة لمن سلبها منها ولا أحلام الفتيات الصغيرات، ولن يعيد أرواح من انتحرن بسببه، ولن يُغلق باب النسيان على جراح الأخريات.
إن قضية اعتداء الطبيب على فتيات بعمر الزهور ما هي إلا واحدة من عشرات الآلاف من قضايا التحرش في الولايات المتحدة لوحدها.
فكل ٩٨ ثانية يتعرض شخص ما، ذكر أم أنثى، في الولايات المتحدة لاعتداء جنسي؛ وفي كل ثمانية دقائق يكون ضحية ذلك الاعتداء طفل.
إن جريمة نصار التي طالت الأطفال هي رقم يُضاف إلى ملايين جرائم الإغتصاب والإعتداء الجنسي والجسدي والتحرش اللفظي التي يشهدها أطفال عالمنا اليوم، من الشرق إلى الغرب ومروراً بالشرق الأوسط. ولا يُخفى على أحد قصص عشرات الآلاف من الأطفال المشردين واللاجئين والنازحين ممن يختفون قسراً سنوياً، بعضهم يتم استغلاله في تجارة البشر، وبالتحديد تجارة الجنس.
والطفل في الغالب يحمل عبئاً كبيراً فيما إذا تم الاعتداء عليه جسديا وجنسياً، وبخاصة في مجتماعتنا “المحافظة”، حيث تنتشر ثقافة العيب والحرام والخوف من الفضيحة وردة الفعل في المجتمع. وعليه، يُصبح الحديث في مثل هذه المواضيع جرماً في أعين الناس.
لذا، يركن أغلب المعتدى عليهم من الصغار إلى السكوت، إما بفعل ضابط شخصي مخافة ما سيقوله الأهل أو المجتمع، أو فيما إذا تم تهديده من المعتدي أو الأهل كي لا تنتشر الفضيحة.
وتكبر الضحية وهي تعيش في دوامة من الهم والألم والعذاب النفسي.
نحن نعيش هذا الواقع المرير حيث زُرع في قلوب الأطفال ثقافة الخوف والعيب بدلا من تشجيعهم على التعبير عما يحدث لهم.
فهل سكوت الأهل وخوفهم من الفضيحة هو أحد أسباب استمرار ظاهرة الاعتداء على الأطفال، بحيث يقيمون وزناً لرأي المجتمع الذي بات يحدد كيف يعيشون حياتهم، بدلاً من الإهتمام بسلامة وصحة أطفالهم؟
لقد أدت قلة ثقافة الطفل بسبب عدم تحدث الوالدين معه في هذه الأمور لتوعيته، الى خوفه من الحديث الى أهله في حال تعرض للتحرش او الاعتداء؛ فقد يظن أنه هو المخطأ لأنه تربى على أن الكبار لا يخطئون أبداً.
ويتخذ المغتصب دائماً من الدين أو الوقار أو منصبه لباساً لتغطية نفسه الدنيئة.
لقد نشأنا في مجتمعات تُقدّس رجال الدين؛ وتربينا أن المعلم هو الأب البديل الذي مهما فعل، تظل كلمته هي التي تُسمع؛ والطبيب هو المنقذ الشافي، ويبقى الطفل ضحية تلك المعتقدات في حال لم يقم أهله بتوعيته.
لا يمكننا أن نلقي باللائمة على المتهم فقط. فالاغتصاب وقضايا الاعتداء والتحرش هي جرائم مجتمعية يشارك فيها الجميع، وإن كان كُلٌ بنسبة معينة.
نوره الشحّي
المصدر: نيوزويك الشرق الأوسط
http://ar.newsweekme.com/
مُتجرداً من إنسانيته، خرق نصّار بفعله الشنيع هذا، جميع المباديء التي أقسم الحفاظ عليها عندما أصبح طبيباً.
وعليه، فلقد شوّه نصّار صورة الطبيب النبيل في عيون الصغيرات من ضحاياه، اللاتي سلبهُنّ براءتهن وطفولتهن، مخلفاً في تلك القلوب الصغيرة جروحاً لا تبرأ.
وقد تذرّع نصّار بالبراءة بداية، لكن التحقيق سرعان ما أثبت جرمه وكشف عن وجود ٣٧ ألف صورة ومقطع فيديو تتضمن مشاهد إباحية للأطفال والقاصرين، قام الطبيب المجرم بجمعها على مدى ١٤ عاماً.
[caption id="attachment_6637" align="aligncenter" width="768"]

وكان أول من فضح نصّار، لاعبة الفريق الأولمبي رايتشل دينولاندر في مقابلة إعلامية. فقد كشفت موضوع تعرضها لاعتداءات جسدية وجنسية على يد نصار في أثناء عمليات الفحص الدورية، حين كانت تبلغ من العمر ١٥ عاما. والأغرب، أن نصّار قام بفعلته الشنيعة بينما كانت والدة دينولاندر في نفس الغرفة. وما شجّع الفتاة على الكلام هو انتشار حملة #metoo (أي أنا أيضاً) التي أطلقتها نساء لمحاربة التحرش الجنسي والإغتصاب وفضح المعتدين في أميركا.
ساهمت شجاعة دينولاندر بدفع مزيد من ضحايا نصّار بالتقدم للإدلاء بشهادتهن ورفع قضايا ضده؛ وقد بلغ عددهن 160شابة.
[caption id="attachment_6638" align="aligncenter" width="768"]

وفي أثناء المحاكمة، اعطت القاضية روزماري أكويلينا الفرصة للفتيات وأهاليهن بالتنفيس عن غضبهن المكبوت طوال تلك السنين، فقاموا بسرد قصص معاناتهن خلال وبعد اعتداء نصّار عليهن؛ فيما قبع المجرم يستمع لتلك الشهادات مطأطىء الرأس دون أن يجرؤ على النظر في عيون ضحاياه.
وقد صدر بحق نصّار عدة أحكام بالسجن تراوحت ما بين 40 عاماً و 175 عاماً، وهو الأمر الذي لم يستسغه أهالي الضحايا، وحاول بعضهم ضرب هذا الذئب البشري داخل قاعة المحكمة.
ففي إحدى أكثر الجلسات تأثيراً، اندفع والد ثلاث من ضحايا نصار فجأة نحوه قبل أن يعترضه شرطيان، وذلك بعد أن سمع شهادة اثنتين من بناته، وبعدما رفضت القاضية طلبه بوضعه مع نصّار في غرفة مغلقة لبضع دقائق. وبدأ الوالد بالصراخ والشتم خلال تقييد الشرطيين له، قبل التوجه إلى المدعية العامة انجيلا بوفيلايتيس قائلاً “أنتم لم تقاسوا ما عشته”.
[caption id="attachment_6639" align="aligncenter" width="768"]

ومن أفظع ما قام به نصّار هو استغلاله لثقة والدي إحدى ضحاياه وتُدعى كايلي، كونه صديق العائلة المقرّب؛ فقام بإغتصابها عندما كانت في السادسة من عمرها، ومن ثم نجح في إقناع والديها بأنها تكذب عندما أخبرتهما عن الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها على يده.
وقد توجهت كايلي في قاعة المحكمة إلى نصّار بعبارة: ”أنت كاذب ومقزز“.
وأضافت: ”لقد أقنعت والدي بأني كاذبة، واستعملت جسدي لمدة ست سنوات لاشباع رغباتك الجنسية وهذا أمر لايمكن أن اسامحك عليه. كنت أشعر وكأنني في عالم آخر، وبدأت أتساءل هل ما أمرّ به حقيقة؟ وهل فعلا تعرضت للاعتداء الجنسي؟ وبغية الحفاظ على قواي العقلية أجبرت نفسي على استذكار كل ما مررت به كي لا أنسى ما عانيت ولا أبدو كاذبة“.
يذكر أن كايلي استمرت بالعمل كمربية لأطفال نصار لحمايتهم من والدهم المفترس، ولحاجتها إلى المال لدفع نفقات جلسات العلاج النفسي لمعالجة آثار الاعتداءات التي تعرضت لها.
ومن بين ضحايا نصار أيضاً البطلة الأولمبية سايمون بايلز الحائزة على أربع ميداليات ذهبية وبرونزية واحدة في أولمبياد ريو 2016، وعمرها اليوم 20 عاما.
قالت بايلز خلال المحاكمة: “أشعر بالقهر كلما تذكرت ما مررت به على يد نصار، ويتحطم قلبي عندما أعود مجددا إلى الأماكن التي تعرضت فيها للاعتداء بهدف الاستعداد لأولمبياد طوكيو 2020“.
ولم يقتصر أثر ما فعله نصّار بالفتيات على الاعتداء الجنسي. فإحدى ضحاياه الصغيرات تأثرت بشدة مما فعله لها لدرجة أنها اتجهت لعالم المخدرات للهروب من ألم المعاناة، قبل أن تضع حداً لحياتها بعمر 23 سنة.
[caption id="attachment_6640" align="aligncenter" width="768"]

وقالت والدتها وهي تجهش بالبكاء: ”انتحرت ابنتي لأنها لم تعد تحتمل الألم والعذاب الذين كانت تعانيهما بسبب ما مرت به“.
وأتى اعتذار الطبيب المتوحش صورة من ذر الرماد في العيون فلم تتقبله الضحايا وأسرهن.
فقد قال نصّار بأنه “يشعر بالأسف الشديد”، لما شبهه “بحريق غابة بسبب عود كبريت”.
كما وأضاف بلهجة تخلو من الندم إنه يريد ” أن يتعافي الضحايا، وأبناء المنطقة مما جرى لهم”، مشددا على أنه ليس “على عداء مع أحد، كل ماأريده هو أن يتعافوا، لقد حان الوقت لذلك“.
ورفضت القاضية قبول اعتذاره قائلة: ”لقد قمت باستغلال مركزك والثقة التي تم منحها لك بأبشع صورة ممكنة، لقد اعتديت على الأطفال“.
وبالتالي فإن اعتذاره لن يُرجع براءة لمن سلبها منها ولا أحلام الفتيات الصغيرات، ولن يعيد أرواح من انتحرن بسببه، ولن يُغلق باب النسيان على جراح الأخريات.
إن قضية اعتداء الطبيب على فتيات بعمر الزهور ما هي إلا واحدة من عشرات الآلاف من قضايا التحرش في الولايات المتحدة لوحدها.
فكل ٩٨ ثانية يتعرض شخص ما، ذكر أم أنثى، في الولايات المتحدة لاعتداء جنسي؛ وفي كل ثمانية دقائق يكون ضحية ذلك الاعتداء طفل.
إن جريمة نصار التي طالت الأطفال هي رقم يُضاف إلى ملايين جرائم الإغتصاب والإعتداء الجنسي والجسدي والتحرش اللفظي التي يشهدها أطفال عالمنا اليوم، من الشرق إلى الغرب ومروراً بالشرق الأوسط. ولا يُخفى على أحد قصص عشرات الآلاف من الأطفال المشردين واللاجئين والنازحين ممن يختفون قسراً سنوياً، بعضهم يتم استغلاله في تجارة البشر، وبالتحديد تجارة الجنس.
والطفل في الغالب يحمل عبئاً كبيراً فيما إذا تم الاعتداء عليه جسديا وجنسياً، وبخاصة في مجتماعتنا “المحافظة”، حيث تنتشر ثقافة العيب والحرام والخوف من الفضيحة وردة الفعل في المجتمع. وعليه، يُصبح الحديث في مثل هذه المواضيع جرماً في أعين الناس.
لذا، يركن أغلب المعتدى عليهم من الصغار إلى السكوت، إما بفعل ضابط شخصي مخافة ما سيقوله الأهل أو المجتمع، أو فيما إذا تم تهديده من المعتدي أو الأهل كي لا تنتشر الفضيحة.
وتكبر الضحية وهي تعيش في دوامة من الهم والألم والعذاب النفسي.
نحن نعيش هذا الواقع المرير حيث زُرع في قلوب الأطفال ثقافة الخوف والعيب بدلا من تشجيعهم على التعبير عما يحدث لهم.
فهل سكوت الأهل وخوفهم من الفضيحة هو أحد أسباب استمرار ظاهرة الاعتداء على الأطفال، بحيث يقيمون وزناً لرأي المجتمع الذي بات يحدد كيف يعيشون حياتهم، بدلاً من الإهتمام بسلامة وصحة أطفالهم؟
لقد أدت قلة ثقافة الطفل بسبب عدم تحدث الوالدين معه في هذه الأمور لتوعيته، الى خوفه من الحديث الى أهله في حال تعرض للتحرش او الاعتداء؛ فقد يظن أنه هو المخطأ لأنه تربى على أن الكبار لا يخطئون أبداً.
ويتخذ المغتصب دائماً من الدين أو الوقار أو منصبه لباساً لتغطية نفسه الدنيئة.
لقد نشأنا في مجتمعات تُقدّس رجال الدين؛ وتربينا أن المعلم هو الأب البديل الذي مهما فعل، تظل كلمته هي التي تُسمع؛ والطبيب هو المنقذ الشافي، ويبقى الطفل ضحية تلك المعتقدات في حال لم يقم أهله بتوعيته.
لا يمكننا أن نلقي باللائمة على المتهم فقط. فالاغتصاب وقضايا الاعتداء والتحرش هي جرائم مجتمعية يشارك فيها الجميع، وإن كان كُلٌ بنسبة معينة.
نوره الشحّي
المصدر: نيوزويك الشرق الأوسط
http://ar.newsweekme.com/