منذ أكثر من عامين، توقف بيشوي ويليام عن الذهاب إلى الكنيسة مثلما كان معتاداً، ومثل الكثير من أصدقائه من الشباب، يرى أنّ السبب الرئيسيّ هو ال...
منذ أكثر من عامين، توقف بيشوي ويليام عن الذهاب إلى الكنيسة مثلما كان معتاداً، ومثل الكثير من أصدقائه من الشباب، يرى أنّ السبب الرئيسيّ هو الاستياء من الموقف السياسيّ للكنيسة الداعم بشدّة للنظام الحاكم، على الرغم من سياسته الاقتصاديّة والسياسيّة التي تلقى حالة استياء وغضب وتشكيك في جدواها من قطاع واسع من الشعب.
إلى جانب الجدل على الساحة الإعلاميّة، أشعلت الانتخابات الرئاسيّة في نهاية آذار/مارس جدلاً آخر بين الطائفة القبطيّة، ففي حين تبدو الكنيسة أكثر المؤسّسات الدينيّة في مصر دعماً للرئيس عبد الفتّاح السيسي، إلّا أنّ الشباب القبطيّ منقسم حول نتائج الفترة الرئاسيّة الأولى لحكمه. وبينما يرى البعض أنّه تمكّن من إعادة بعض الأمن إلى الأقباط مقارنة بالأعوام التالية لثورة كانون الثاني/يناير 2011، يعترض آخرون على الوضع الاقتصاديّ الذي وصلت إليه البلاد ونتائج التقارب المثير للجدل بين الكنيسة والحكومة، إضافة إلى رؤيتهم الخاصّة إلى فشل الدولة في مكافحة الإرهاب.
يشرح الباحث في العلوم الاجتماعية في جامعة أبردين في بريطانيا مينا ثابت لـ"المونيتور": "بالمقارنة مع عام 2014، فقد السيسي جزءاً كبيراً من دعم الأقباط، لا سيّما الشباب، في إحباط من الأداء الاقتصاديّ وتردّي الوضع الأمنيّ على مدى الأربعة أعوام الرئاسيّة الماضية"، موضحاً أنّه على الرغم من عدم وجود إحصاءات، إلّا أنّه يتوقّع عدم تصويت جزء كبير من الشباب القبطيّ خلال الانتاخابات الرئاسيّة بعدما فشل النظام في وعده الأوّل بوقف الإرهاب وتوفير الحماية للأقلّيّات.
ينتمي بيشوي ويليام (28 عاماً) إلى أسرة قبطيّة من الطبقة المتوسّطة تقيم في حيّ مصر الجديدة، ولكن عكس والده الخمسينيّ، فإنّه لا ينوي التصويت للرئيس السيسي في الانتخابات المقبلة، ويفضّل المقاطعة بعد انسحاب خالد علي الذي كان سيصوّت له. ويقول: "الأربعة أعوام الماضية صعبة اقتصاديّاً، الأسعار ارتفعت إلى الضعف، الحكومة قامت على السواء برفع الجزء الأكبر من الدعم وتحرير العملة، إضافة إلى فرض ضرائب متكرّرة وإقامة مشاريع اقتصاديّة غير مجدية".
وعلى الرغم من رؤيته لنجاح الأجهزة الأمنيّة في مصر في تأمين الكنائس بـ"مستوى معقول"، خلال فترة حكم الرئيس السيسي، إلّا أنّ استمرار العمليّات الإرهابيّة من دون نجاح الدولة في القضاء على المتطرّفين، لا سيّما في سيناء، يثير شكوك ويليام حول رغبة النظام في التخلّص من المتطرّفين.
تعبّر مارينا صابر (اسم مستعار بناء على طلبها)، وهي طالبة في كلّيّة العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة، عن الرغبة نفسها في عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، بالقول إنّه للأسف تبيّن خلال فترة السيسي الأولى أنّه لم يقدّم الحماية المطلوبة إلى الأقباط، كلّ هذا يضاف إلى تدهور الوضع الاقتصاديّ، لا سيّما بعد تعويم العملة بين يوم وليلة.
للصورة وجه آخر بالنسبة إلى أبانوب إيملي، الذي يرى على العكس أنّ الرئيس السيسي حقّق إنجازات مهمّة خلال فترة حكمه الأولى، لا سيّما في ما يتعلّق بتأمين الكنائس، والعمل على رفع الأقباط من نظرة "المواطن درجة ثانية" في البلد خلال العديد من الرسائل الإيجابيّة.
يعمل إيملي (27 عاماً) في قطاع استيراد الملابس الجاهزة، وعلى الرغم من أنّ تجارته تأثّرت بارتفاع أسعار الدولار والجمارك، إلّا أنّه يرى أنّ الإصلاحات الاقتصاديّة التي قام بها السيسي مهمّة وخطوة البداية على الطريق الصحيح، وهي التدابير التي لم يجرؤ رئيس من قبل أن يتّخذها، وفق تصريحات له لـ"المونيتور".
يعبّر إيملي بفرحة على وجهه أيضاً، عن سعادته حين تابع على التلفاز زيارة السيسي لبابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثاني خلال قدّاس الميلاد في الكاتدرائيّة التي بناها الجيش في العاصمة الإداريّة، محتفياً كون السيسي الرئيس الأوّل الذي يشاطرهم الاحتفالات، مضيفاً: "حتّى الكنائس التي حرقت خلال فوضى عام 2013، قام الجيش ببنائها من جديد على نفقته".
دعم إيملي للرئيس الحاليّ يحمل سبباً آخر، وهو عدم تكرار فترة الرئيس السابق محمّد مرسي، الذي شهد أعمال عدائيّة ضدّ الأقباط. يؤكّد إيملي أنّه سيصوّت للرئيس السيسي خلال الانتخابات المقبلة، مثلما صوّت له في عام 2014.
تتصدّر الكنيسة المشهد الدينيّ الداعم للرئيس، إذ أعلن عدد من الأساقفة في نهاية كانون الثاني/يناير، تأييدهم تولّي الرئيس فترة رئاسيّة ثانية، في الوقت الذي كشف أحد مؤسّسي حملة "علشان تبنيها" لدعم السيسي، أنّ الكنيسة المصريّة تساند الحملة بالكامل. في بداية كانون الثاني/يناير، قال البابا تواضروس الثاني في حوار ضمن برنامج "صباح الخير يا مصر" على التلفزيون العامّ: "السيسي مايسترو يقود فرقة كبيرة ويحقّق نتائج ملموسة".
يوضح ويليام أنّ هناك عاملين يحكمان علاقة الأقباط بالسلطة: أوّلاّ العمر، إذ أنّ معظم الأجيال الكبيرة التي تربّت على القيم المؤسّسيّة المنشأة منذ الرئيس جمال عبد الناصر، تميل إلى دعم النظام، والعامل الثاني يعتمد على الكنيسة، فهي داعمة للنظام وبالتالي فإنّ الشباب المتديّن يتّخذ موقفها.
وفق مينا ثابت، فإن الأجيال الكبيرة تبدوا في الأغلب داعمة للسيسي إذ أنها كبرت في الدولة العسكرية الاشتراكية التي أقامها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، كما أن غالبيتهم يعملون في القطاع العام للدولة، لذا فهذه الأجيال لديها خوف من المجهول وغالبا ما تميل إلى تفضيل الاستقرار تحت رئيس ليس لديه انتمائات دينية.
يتذكّر ويليام أحد المواقف مع والده، فبعد نقاش سياسيّ حول عدم رضاه عن النظام الحاليّ، قال له والده إنّ الإنجيل يأمر الأقباط بطاعة أولياء الأمر، مستشهداً بالآية في إنجيل بولس: "أطيعوا مرشديكم". يضحك ويليام من استشهاد والده المتكرّر بهذه الآية الإنجيليّة التي لغاها من حواره في السابق إبّان حكم مرسي.
غير أنّ هذا التماهي بين الكنيسة والدولة يثير غضب جزء كبير من الشباب القبطيّ. فعلى صفحته على "فيسبوك"، ينتقد ثابت تصريحاً لأسقف أبرشيّة أسيوط الأنبا يؤانس بأنّ الأقباط يعيشون أزهى العصور، موجها الانتقاد الى الآباء بأنهم باتوا يستخدمون من الدولة لكم أفواه الأقباط بعد كل حادث أو أزمة يتعرضون لها، مشيرا إلى أنهم لم يعودوا بعد يخدمون الرعية بل متسلطين عليهم.
لكن بالنسبة للأنبا بوليس حليم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فإن الكنيسة ليست طرفا في المعادلة السياسية في مصر ولكنها في قلب المعادلة الوطنية وتفعل ما يحتاجه الوطن، موضحا ان الخطاب الذي تتبناه الكنيسة "ليس سياسيا ولكنه تعبيرا عن المواطنة".
يتابع بوليس حليم لـ "المونيتور":" لو الكنيسة تقود بدور دعم رئيسها، ما المشكلة في ذلك؟! أنه الرئيس الموجود الآن والكنيسة تدعمه، ومصر تمر بأوقات فارقة في الوقت الحالي".
يفسر حليم هذا التوجه من الكنيسة بالتأكيد على أهمية الأنجازات التي حققتها السلطة الحالية:" في مشروعات عملاقة ف كل مكان أشهرها العاصمة الإدارية وشبكة الطرق في كل المحافظات وقناة السويس وخطة تعمير سيناء، كل هذا يوضح أن مصر تشهد مشروع تنموي ضخم يمهد لغد أفضل". وبحسب حليم فإن هذه الإنجازات لا تقتصر فقط على الملف التنموي ولكن الأقباط أيضا، يشرح حليم" الرئيس أول رئيس يأتي للكاتدرائية للمشاركة في الاحتفالات، وأول رئيس يعلن بناء أول كاتدرائية، وأول رئيس يؤكد على كلمة المواطنة وليس مسلم أو قبطي والأول الذي يسعى للثأر لهم"، مبينا أن سلسلة الهجمات التي وقعت خلال الفترة الأولى للسيسي لم تستهدف الأقباط فقط بل الجيش والشرطة وحتى مسجد الروضة.
في سبتمبر 2016، وقع 870 ناشط أغلبهم مسيحيين بيانا استنكروا فيه تورط الكنيسة في العملية السياسية لصالح النظام، حيث انتقدوا الدعوات التي أطلقتها الكنيسة الأنجيلية والكنيسة الأرثوذكسية القبطية للأقباط في الولايات المتحدة للاحتشاد أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك لدعم الرئيس السيسي الذي يشارك في مؤتمر للجمعية العامة في نفس الشهر. وقال البيان أن الموقعون لا يرون في الكنيسة الممثل لصوت الأقباط.
يعلق حليم المنتقدين للكنيسة بالقول:" ليس لدينا حصر لهم ولكنهم لا يمثلون جميع الأقباط"، مشكلتهم أنهم لا يملكون الصورة الكاملة للواقع على الأرض بل يعتمدون على صور مصغرة لاتخاذ موقف ناقد للكنيسة والحكومة".
يرى آخرون أنّ هذا التماهي مثير للقلق، ويشرح عماد رضا، وهو شابّ من محافظة المنيا التي شهدت حادث الدير في أيّار/مايو الماضي، لـ"المونيتور": "رجال الكنيسة وضعوا المسيحيّين في مأزق بين كمّاشة دعم النظام وبين رضاهم على الكنيسة، وهو السبب الذي دفع الكثير من الشباب إلى التوقّف عن الذهاب إليها".
حسام ربيع
المصدر: موقع أوبن ديمقراطي
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/originals/2018/02/
إلى جانب الجدل على الساحة الإعلاميّة، أشعلت الانتخابات الرئاسيّة في نهاية آذار/مارس جدلاً آخر بين الطائفة القبطيّة، ففي حين تبدو الكنيسة أكثر المؤسّسات الدينيّة في مصر دعماً للرئيس عبد الفتّاح السيسي، إلّا أنّ الشباب القبطيّ منقسم حول نتائج الفترة الرئاسيّة الأولى لحكمه. وبينما يرى البعض أنّه تمكّن من إعادة بعض الأمن إلى الأقباط مقارنة بالأعوام التالية لثورة كانون الثاني/يناير 2011، يعترض آخرون على الوضع الاقتصاديّ الذي وصلت إليه البلاد ونتائج التقارب المثير للجدل بين الكنيسة والحكومة، إضافة إلى رؤيتهم الخاصّة إلى فشل الدولة في مكافحة الإرهاب.
يشرح الباحث في العلوم الاجتماعية في جامعة أبردين في بريطانيا مينا ثابت لـ"المونيتور": "بالمقارنة مع عام 2014، فقد السيسي جزءاً كبيراً من دعم الأقباط، لا سيّما الشباب، في إحباط من الأداء الاقتصاديّ وتردّي الوضع الأمنيّ على مدى الأربعة أعوام الرئاسيّة الماضية"، موضحاً أنّه على الرغم من عدم وجود إحصاءات، إلّا أنّه يتوقّع عدم تصويت جزء كبير من الشباب القبطيّ خلال الانتاخابات الرئاسيّة بعدما فشل النظام في وعده الأوّل بوقف الإرهاب وتوفير الحماية للأقلّيّات.
ينتمي بيشوي ويليام (28 عاماً) إلى أسرة قبطيّة من الطبقة المتوسّطة تقيم في حيّ مصر الجديدة، ولكن عكس والده الخمسينيّ، فإنّه لا ينوي التصويت للرئيس السيسي في الانتخابات المقبلة، ويفضّل المقاطعة بعد انسحاب خالد علي الذي كان سيصوّت له. ويقول: "الأربعة أعوام الماضية صعبة اقتصاديّاً، الأسعار ارتفعت إلى الضعف، الحكومة قامت على السواء برفع الجزء الأكبر من الدعم وتحرير العملة، إضافة إلى فرض ضرائب متكرّرة وإقامة مشاريع اقتصاديّة غير مجدية".
وعلى الرغم من رؤيته لنجاح الأجهزة الأمنيّة في مصر في تأمين الكنائس بـ"مستوى معقول"، خلال فترة حكم الرئيس السيسي، إلّا أنّ استمرار العمليّات الإرهابيّة من دون نجاح الدولة في القضاء على المتطرّفين، لا سيّما في سيناء، يثير شكوك ويليام حول رغبة النظام في التخلّص من المتطرّفين.
تعبّر مارينا صابر (اسم مستعار بناء على طلبها)، وهي طالبة في كلّيّة العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة، عن الرغبة نفسها في عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، بالقول إنّه للأسف تبيّن خلال فترة السيسي الأولى أنّه لم يقدّم الحماية المطلوبة إلى الأقباط، كلّ هذا يضاف إلى تدهور الوضع الاقتصاديّ، لا سيّما بعد تعويم العملة بين يوم وليلة.
للصورة وجه آخر بالنسبة إلى أبانوب إيملي، الذي يرى على العكس أنّ الرئيس السيسي حقّق إنجازات مهمّة خلال فترة حكمه الأولى، لا سيّما في ما يتعلّق بتأمين الكنائس، والعمل على رفع الأقباط من نظرة "المواطن درجة ثانية" في البلد خلال العديد من الرسائل الإيجابيّة.
يعمل إيملي (27 عاماً) في قطاع استيراد الملابس الجاهزة، وعلى الرغم من أنّ تجارته تأثّرت بارتفاع أسعار الدولار والجمارك، إلّا أنّه يرى أنّ الإصلاحات الاقتصاديّة التي قام بها السيسي مهمّة وخطوة البداية على الطريق الصحيح، وهي التدابير التي لم يجرؤ رئيس من قبل أن يتّخذها، وفق تصريحات له لـ"المونيتور".
يعبّر إيملي بفرحة على وجهه أيضاً، عن سعادته حين تابع على التلفاز زيارة السيسي لبابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثاني خلال قدّاس الميلاد في الكاتدرائيّة التي بناها الجيش في العاصمة الإداريّة، محتفياً كون السيسي الرئيس الأوّل الذي يشاطرهم الاحتفالات، مضيفاً: "حتّى الكنائس التي حرقت خلال فوضى عام 2013، قام الجيش ببنائها من جديد على نفقته".
دعم إيملي للرئيس الحاليّ يحمل سبباً آخر، وهو عدم تكرار فترة الرئيس السابق محمّد مرسي، الذي شهد أعمال عدائيّة ضدّ الأقباط. يؤكّد إيملي أنّه سيصوّت للرئيس السيسي خلال الانتخابات المقبلة، مثلما صوّت له في عام 2014.
تتصدّر الكنيسة المشهد الدينيّ الداعم للرئيس، إذ أعلن عدد من الأساقفة في نهاية كانون الثاني/يناير، تأييدهم تولّي الرئيس فترة رئاسيّة ثانية، في الوقت الذي كشف أحد مؤسّسي حملة "علشان تبنيها" لدعم السيسي، أنّ الكنيسة المصريّة تساند الحملة بالكامل. في بداية كانون الثاني/يناير، قال البابا تواضروس الثاني في حوار ضمن برنامج "صباح الخير يا مصر" على التلفزيون العامّ: "السيسي مايسترو يقود فرقة كبيرة ويحقّق نتائج ملموسة".
يوضح ويليام أنّ هناك عاملين يحكمان علاقة الأقباط بالسلطة: أوّلاّ العمر، إذ أنّ معظم الأجيال الكبيرة التي تربّت على القيم المؤسّسيّة المنشأة منذ الرئيس جمال عبد الناصر، تميل إلى دعم النظام، والعامل الثاني يعتمد على الكنيسة، فهي داعمة للنظام وبالتالي فإنّ الشباب المتديّن يتّخذ موقفها.
وفق مينا ثابت، فإن الأجيال الكبيرة تبدوا في الأغلب داعمة للسيسي إذ أنها كبرت في الدولة العسكرية الاشتراكية التي أقامها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، كما أن غالبيتهم يعملون في القطاع العام للدولة، لذا فهذه الأجيال لديها خوف من المجهول وغالبا ما تميل إلى تفضيل الاستقرار تحت رئيس ليس لديه انتمائات دينية.
يتذكّر ويليام أحد المواقف مع والده، فبعد نقاش سياسيّ حول عدم رضاه عن النظام الحاليّ، قال له والده إنّ الإنجيل يأمر الأقباط بطاعة أولياء الأمر، مستشهداً بالآية في إنجيل بولس: "أطيعوا مرشديكم". يضحك ويليام من استشهاد والده المتكرّر بهذه الآية الإنجيليّة التي لغاها من حواره في السابق إبّان حكم مرسي.
غير أنّ هذا التماهي بين الكنيسة والدولة يثير غضب جزء كبير من الشباب القبطيّ. فعلى صفحته على "فيسبوك"، ينتقد ثابت تصريحاً لأسقف أبرشيّة أسيوط الأنبا يؤانس بأنّ الأقباط يعيشون أزهى العصور، موجها الانتقاد الى الآباء بأنهم باتوا يستخدمون من الدولة لكم أفواه الأقباط بعد كل حادث أو أزمة يتعرضون لها، مشيرا إلى أنهم لم يعودوا بعد يخدمون الرعية بل متسلطين عليهم.
لكن بالنسبة للأنبا بوليس حليم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فإن الكنيسة ليست طرفا في المعادلة السياسية في مصر ولكنها في قلب المعادلة الوطنية وتفعل ما يحتاجه الوطن، موضحا ان الخطاب الذي تتبناه الكنيسة "ليس سياسيا ولكنه تعبيرا عن المواطنة".
يتابع بوليس حليم لـ "المونيتور":" لو الكنيسة تقود بدور دعم رئيسها، ما المشكلة في ذلك؟! أنه الرئيس الموجود الآن والكنيسة تدعمه، ومصر تمر بأوقات فارقة في الوقت الحالي".
يفسر حليم هذا التوجه من الكنيسة بالتأكيد على أهمية الأنجازات التي حققتها السلطة الحالية:" في مشروعات عملاقة ف كل مكان أشهرها العاصمة الإدارية وشبكة الطرق في كل المحافظات وقناة السويس وخطة تعمير سيناء، كل هذا يوضح أن مصر تشهد مشروع تنموي ضخم يمهد لغد أفضل". وبحسب حليم فإن هذه الإنجازات لا تقتصر فقط على الملف التنموي ولكن الأقباط أيضا، يشرح حليم" الرئيس أول رئيس يأتي للكاتدرائية للمشاركة في الاحتفالات، وأول رئيس يعلن بناء أول كاتدرائية، وأول رئيس يؤكد على كلمة المواطنة وليس مسلم أو قبطي والأول الذي يسعى للثأر لهم"، مبينا أن سلسلة الهجمات التي وقعت خلال الفترة الأولى للسيسي لم تستهدف الأقباط فقط بل الجيش والشرطة وحتى مسجد الروضة.
في سبتمبر 2016، وقع 870 ناشط أغلبهم مسيحيين بيانا استنكروا فيه تورط الكنيسة في العملية السياسية لصالح النظام، حيث انتقدوا الدعوات التي أطلقتها الكنيسة الأنجيلية والكنيسة الأرثوذكسية القبطية للأقباط في الولايات المتحدة للاحتشاد أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك لدعم الرئيس السيسي الذي يشارك في مؤتمر للجمعية العامة في نفس الشهر. وقال البيان أن الموقعون لا يرون في الكنيسة الممثل لصوت الأقباط.
يعلق حليم المنتقدين للكنيسة بالقول:" ليس لدينا حصر لهم ولكنهم لا يمثلون جميع الأقباط"، مشكلتهم أنهم لا يملكون الصورة الكاملة للواقع على الأرض بل يعتمدون على صور مصغرة لاتخاذ موقف ناقد للكنيسة والحكومة".
يرى آخرون أنّ هذا التماهي مثير للقلق، ويشرح عماد رضا، وهو شابّ من محافظة المنيا التي شهدت حادث الدير في أيّار/مايو الماضي، لـ"المونيتور": "رجال الكنيسة وضعوا المسيحيّين في مأزق بين كمّاشة دعم النظام وبين رضاهم على الكنيسة، وهو السبب الذي دفع الكثير من الشباب إلى التوقّف عن الذهاب إليها".
حسام ربيع
المصدر: موقع أوبن ديمقراطي
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/originals/2018/02/