يمكن أن يجعل الاستهلاك الداخلي المتزايد للنفط في السعودية - مقروناً بنمو غير كافٍ في العرض - من المملكة مستورِداً صافياً للنفط بحلول العام 2...
يمكن أن يجعل الاستهلاك الداخلي المتزايد للنفط في السعودية - مقروناً بنمو غير كافٍ في العرض - من المملكة مستورِداً صافياً للنفط بحلول العام 2038، كما ورد في تقرير صادر عن مؤسسة "تشاتهام هاوس". فالسعودية هي خامس أكبر مستهلك للنفط في العالم، مع بلوغ الاستهلاك أكثر من ربع الكمية المنتجة في العام 2011، وقدرها 11.1 مليون برميل في اليوم. حتى أنها تجاوزت في الآونة الأخيرة مستوى الاستهلاك في ألمانيا، مع العلم بأن عدد سكان السعودية اقل من ثلث عدد سكان ألمانيا، كما أن الناتج الاقتصادي السعودي أقل بخمس مرات من الناتج الاقتصادي الألماني. إذا تواصلت الزيادة في الاستهلاك، من دون أي ضوابط، فقد تسدّد ضربة قوية للاقتصاد السعودي في السنوات المقبلة.
الديمغرافيا هي أحد الأسباب التي تقف خلف هذا الاستهلاك المتزايد للنفط. فقد تضاعف عدد السكّان في المملكة منذ العام 1985، الأمر الذي أدّى إلى ازدياد الطلب، بيد أن السبب الأساسي يتمثّل في الرخاء الاقتصادي المتنامي الذي تشهده المملكة والمرتبط باعتمادها على توليد الطاقة بواسطة النفط. فكل حاجات المملكة من الطاقة تقريباً تتم تلبيتها بواسطة النفط والغاز، ويتم اللجوء أكثر فأكثر إلى حرق النفط الخام لتخطي النقص في الغاز. وبما أن النفط على وجه التحديد يشكّل نحو 90 في المئة من صادرات البلاد وموازنة الدولة، ليس مستغرباً أن المسؤولين السعوديين يأملون في كبح الاستهلاك الداخلي الذي يقتطع مزيداً من الكميات المعدّة أصلاً للتصدير.
كما أنه ستكون للاستهلاك المتزايد تأثيرات أخرى تذهب أبعد من الاقتصاد المُعتَمِد على الطاقة. فمع أن نصف الاقتصاد السعودي تقريباً يقوم على قطاعَي النفط والغاز، لاتتعدّى نسبة القوة العاملة فيهما الواحد في المئة. فمن أجل زيادة التوظيف، تحوّلت المملكة نحو البيروقراطية الشديدة مع بلوغ نسبة الموظفين في القطاع العام أكثر من 80 في المئة من القوة العاملة. وعلى غرار بلدان الخليج الأخرى، عمدت السعودية، في مواجهة الربيع العربي، إلى إقرار زيادات سخيّة في رواتب القطاع العام، بما يسلّط الضوء على اعتماد البلاد على الإيرادات النفطية لإبعاد شبح التململ السياسي. إلا أن تناقص هذه الإيرادات في المستقبل قد يحدّ من قدرة السعودية على التعويل على القطاع العام ومنظومة الرعاية الاجتماعية للتصدّي للاضطرابات السياسية.
ولذلك، ينبغي على السعودية أن تخفّض استهلاكها النفطي كي يستمرّ هذا القطاع في توليد عائدات كبيرة للدولة. والخطوة الأولى في هذا الإطار تقتضي إصلاح نظام الدعم الحكومي للنفط. فسعر برميل النفط في السعودية يتراوح من 5 إلى 15 دولاراً، في حين يصل المعدّل في السوق العالمية إلى أكثر من 110 دولارات منذ العام 2011. فقرار السعودية تثبيت سعر النفط عند مستوى أقل بكثير من سعر التصدير يُضيِّع عليها فرصة تحقيق إيرادات مهمّة، كما أنه يشجّع ثقافة الإفراط في الاستهلاك والهدر. هذا فضلاً عن أن الإعانات الحكومية لاتعود بالفائدة على الفقراء أو العاطلين عن العمل في البلاد، فالمستهلكون الأكبر للنفط هم عادةً الفئات ذات المداخيل المرتفعة والصناعات الثقيلة (بما في ذلك قطاع البتروكيميائيات)، وكلتاهما تحصلان على النفط بثمن زهيد من دون أن تكون هناك ضرورة تستوجب ذلك.
أما الخطوة الثانية فيجب أن تقوم على تنويع مصادر الطاقة في المملكة. تعمل السعودية على تطوير أشكال بديلة للطاقة، مثل الطاقة النووية والطاقة الشمسية. فالعمل جارٍ حالياً على بناء 16 مصنعاً للطاقة النووية يُتوقَّع أن يلبّي سدس حاجات المملكة من التيار الكهربائي بحلول العام 2032 (80 مليار دولار بحسب التقديرات)، لكنها مشاريع محدودة وباهظة الكلفة لن تكتمل إلا قبل ست سنوات فقط من التاريخ المتوقَّع (نظرياً) لتحوُّل المملكة إلى دولة مستوردة للنفط. يُبذَل حتى الآن مجهود أقل على مستوى تطوير الطاقة الشمسية، ويُتوقَّع أن تطلق المملكة قريباً المناقصات الأولى لإنتاج 500 إلى 800 ميغاواط من التيار الكهربائي بواسطة الطاقة الشمسية، أي أكثر بقليل من واحد في المئة من الكمية التي تستهلكها حالياً. وعلى الرغم من وجود خطط لتوليد 54 جيغاواط من الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية بحلول العام 2032 بكلفة 109 مليارات دولار، إلا أن نجاح هذه المشاريع ليس مضموناً. فالصحراء العربية، ومع أن ذلك قد يبدو مستغرباً، ليست مكاناً مثالياً لتوليد الطاقة الشمسية، نظراً إلى أن الحرارة الشديدة وكثرة الغبار تتسبّبان بخفض فعالية الألواح الشمسية. في غضون ذلك، يُتوقَّع أن تستمر المصانع الكثيرة التي تولّد الطاقة بواسطة النفط، في العمل لسنوات طويلة، فيما يتواصل أيضاً العمل على بناء خمسة مصانع إضافية خلال العام الجاري، بما يؤدّي إلى تفاقم المشكلة أكثر.
في حال تعذّر احتواء الاستهلاك الداخلي في السعودية، ينبغي على المملكة أن ترفع قدرتها الإنتاجية للحفاظ على مكانتها كدولة مصدِّرة. تملك السعودية الجزء الأكبر من القدرات الاحتياطية النفطية في العالم، فهي تضخ حالياً 9.3 ملايين برميل في اليوم، مع العلم بأن قدرتها تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم. لكن فيما يُتوقَّع أن يزيد استهلاك النفط الداخلي ليصل إلى أكثر من أربعة ملايين برميل في اليوم بحلول العام 2030، على الرغم من عدم توقّع حدوث نمو في القدرة الإنتاجية، سوف يُهدَر مزيد من النفط المدعوم من الحكومة على الاحتياجات الداخلية.
بيد أن عدداً كبيراً من المحللين يشكّك أصلاً في قدرة السعودية على زيادة إنتاجها. فقد ورد في برقيات سرّبها موقع "ويكيليكس" العام الماضي أن مسؤولين أميركيين وسعوديين كباراً استبعدوا منذ العام 2007 إمكانية زيادة المملكة إنتاجَها النفطي. فقد نقلت البرقيات عن صداد الحسيني، المسؤول السابق عن التنقيب في شركة النفط السعودية "أرامكو"، قوله لصانعي السياسات الأميركيين إن القدرة الإنتاجية لبلاده ستستقرّ عند حدود 12 مليون برميل في اليوم خلال العقد المقبل. هذا وصرّح وزير النفط السعودي علي النعيمي، الشهر الماضي، أنه ليست لدى المملكة نيّة بزيادة القدرة الإنتاجية من 12 إلى 15 مليون برميل في اليوم بحلول العام 2020، وذلك خلافاً للكلام الذي كان قد صرّح به الأمير تركي الفيصل، عضو العائلة المالكة في السعودية ورئيس المخابرات سابقاً.
إزاء عجز السعودية عن زيادة قدرتها الإنتاجية، تصبح الحاجة إلى خفض الاستهلاك الداخلي أكثر إلحاحاً. لكن إذا تمكّنت المملكة من كبح الاستهلاك الداخلي، فستحافظ المبيعات النفطية على نسبة عالية من الإرباحية في المدى الطويل، إذ أن الدراسات تشير إلى أن الطلب على نفط الخليج سيتسارع متجاوزاً أي نمو يمكن أن يشهده العرض في المستقبل. فبحلول العام 2030، ستزيد الصين استهلاكها للنفط بمعدّل الثلثَين، والهند بنسبة تفوق الضعف. حتى في الولايات المتحدة حيث يكثر الكلام عن الغاز الطبيعي والثورة في "التصديع الهيدروليكي" لاستخراج الغاز من الصخور، تشكّك بعض التقارير في صحة الادّعاءات بأن الولايات المتحدة ستصبح أكثر استقلالية في مجال الطاقة في المدى البعيد. فضلاً عن ذلك، سيؤدّي ارتفاع الطلب على النفط إلى ممارسة ضغوط تصاعدية على الأسعار. فقد ارتفع سعر برميل النفط من حوالى 60 دولاراً في العام 2009 إلى أكثر من 110 دولارات حالياً، الأمر الذي أتاح للسعودية تحقيق أرباح كبيرة، بما أن العالم لايملك خيارات كثيرة خارج إطار النفط الخليجي. ففي العام الماضي على سبيل المثال، حقّقت المملكة عائدات حكومية فاقت توقّعاتها بنسبة تزيد عن 80 في المئة، مدفوعةً في شكل كامل بالارتفاع في أسعار النفط التي سجّلت مستويات أعلى من المتوقّع.
بيد أن الاضطرابات السياسية في المنطقة، مقرونةً بالتباطؤ الاقتصادي العالمي، تؤخّر اعتماد مقاربة أوسع نطاقاً وأكثر شمولاً من أجل التنويع الناجح لمصادر الطاقة السعودية. وبما أن الاستهلاك الداخلي للنفط لايظهر أي مؤشرات فعلية عن إمكانية انحساره، قد تواجه المملكة قريباً خطر خسارة دورها الذي تستمدّه من كونها المصدر الأساسي للنفط في العالم. يصعب توقّع التداعيات التي يمكن أن تترتّب على أسواق الطاقة والأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، لكن المؤكّد هو أن هذا التطوّر سيُحدِث تبدّلاً جوهرياً في الدولة السعودية.
ادم رسمي صحافي و باحث، يكتب عن الشئون الاقتصادية، السياسية و الاجتماعية فى المشرق و الخليج العربى.
موقع صدى
الديمغرافيا هي أحد الأسباب التي تقف خلف هذا الاستهلاك المتزايد للنفط. فقد تضاعف عدد السكّان في المملكة منذ العام 1985، الأمر الذي أدّى إلى ازدياد الطلب، بيد أن السبب الأساسي يتمثّل في الرخاء الاقتصادي المتنامي الذي تشهده المملكة والمرتبط باعتمادها على توليد الطاقة بواسطة النفط. فكل حاجات المملكة من الطاقة تقريباً تتم تلبيتها بواسطة النفط والغاز، ويتم اللجوء أكثر فأكثر إلى حرق النفط الخام لتخطي النقص في الغاز. وبما أن النفط على وجه التحديد يشكّل نحو 90 في المئة من صادرات البلاد وموازنة الدولة، ليس مستغرباً أن المسؤولين السعوديين يأملون في كبح الاستهلاك الداخلي الذي يقتطع مزيداً من الكميات المعدّة أصلاً للتصدير.
كما أنه ستكون للاستهلاك المتزايد تأثيرات أخرى تذهب أبعد من الاقتصاد المُعتَمِد على الطاقة. فمع أن نصف الاقتصاد السعودي تقريباً يقوم على قطاعَي النفط والغاز، لاتتعدّى نسبة القوة العاملة فيهما الواحد في المئة. فمن أجل زيادة التوظيف، تحوّلت المملكة نحو البيروقراطية الشديدة مع بلوغ نسبة الموظفين في القطاع العام أكثر من 80 في المئة من القوة العاملة. وعلى غرار بلدان الخليج الأخرى، عمدت السعودية، في مواجهة الربيع العربي، إلى إقرار زيادات سخيّة في رواتب القطاع العام، بما يسلّط الضوء على اعتماد البلاد على الإيرادات النفطية لإبعاد شبح التململ السياسي. إلا أن تناقص هذه الإيرادات في المستقبل قد يحدّ من قدرة السعودية على التعويل على القطاع العام ومنظومة الرعاية الاجتماعية للتصدّي للاضطرابات السياسية.
ولذلك، ينبغي على السعودية أن تخفّض استهلاكها النفطي كي يستمرّ هذا القطاع في توليد عائدات كبيرة للدولة. والخطوة الأولى في هذا الإطار تقتضي إصلاح نظام الدعم الحكومي للنفط. فسعر برميل النفط في السعودية يتراوح من 5 إلى 15 دولاراً، في حين يصل المعدّل في السوق العالمية إلى أكثر من 110 دولارات منذ العام 2011. فقرار السعودية تثبيت سعر النفط عند مستوى أقل بكثير من سعر التصدير يُضيِّع عليها فرصة تحقيق إيرادات مهمّة، كما أنه يشجّع ثقافة الإفراط في الاستهلاك والهدر. هذا فضلاً عن أن الإعانات الحكومية لاتعود بالفائدة على الفقراء أو العاطلين عن العمل في البلاد، فالمستهلكون الأكبر للنفط هم عادةً الفئات ذات المداخيل المرتفعة والصناعات الثقيلة (بما في ذلك قطاع البتروكيميائيات)، وكلتاهما تحصلان على النفط بثمن زهيد من دون أن تكون هناك ضرورة تستوجب ذلك.
أما الخطوة الثانية فيجب أن تقوم على تنويع مصادر الطاقة في المملكة. تعمل السعودية على تطوير أشكال بديلة للطاقة، مثل الطاقة النووية والطاقة الشمسية. فالعمل جارٍ حالياً على بناء 16 مصنعاً للطاقة النووية يُتوقَّع أن يلبّي سدس حاجات المملكة من التيار الكهربائي بحلول العام 2032 (80 مليار دولار بحسب التقديرات)، لكنها مشاريع محدودة وباهظة الكلفة لن تكتمل إلا قبل ست سنوات فقط من التاريخ المتوقَّع (نظرياً) لتحوُّل المملكة إلى دولة مستوردة للنفط. يُبذَل حتى الآن مجهود أقل على مستوى تطوير الطاقة الشمسية، ويُتوقَّع أن تطلق المملكة قريباً المناقصات الأولى لإنتاج 500 إلى 800 ميغاواط من التيار الكهربائي بواسطة الطاقة الشمسية، أي أكثر بقليل من واحد في المئة من الكمية التي تستهلكها حالياً. وعلى الرغم من وجود خطط لتوليد 54 جيغاواط من الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية بحلول العام 2032 بكلفة 109 مليارات دولار، إلا أن نجاح هذه المشاريع ليس مضموناً. فالصحراء العربية، ومع أن ذلك قد يبدو مستغرباً، ليست مكاناً مثالياً لتوليد الطاقة الشمسية، نظراً إلى أن الحرارة الشديدة وكثرة الغبار تتسبّبان بخفض فعالية الألواح الشمسية. في غضون ذلك، يُتوقَّع أن تستمر المصانع الكثيرة التي تولّد الطاقة بواسطة النفط، في العمل لسنوات طويلة، فيما يتواصل أيضاً العمل على بناء خمسة مصانع إضافية خلال العام الجاري، بما يؤدّي إلى تفاقم المشكلة أكثر.
في حال تعذّر احتواء الاستهلاك الداخلي في السعودية، ينبغي على المملكة أن ترفع قدرتها الإنتاجية للحفاظ على مكانتها كدولة مصدِّرة. تملك السعودية الجزء الأكبر من القدرات الاحتياطية النفطية في العالم، فهي تضخ حالياً 9.3 ملايين برميل في اليوم، مع العلم بأن قدرتها تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم. لكن فيما يُتوقَّع أن يزيد استهلاك النفط الداخلي ليصل إلى أكثر من أربعة ملايين برميل في اليوم بحلول العام 2030، على الرغم من عدم توقّع حدوث نمو في القدرة الإنتاجية، سوف يُهدَر مزيد من النفط المدعوم من الحكومة على الاحتياجات الداخلية.
بيد أن عدداً كبيراً من المحللين يشكّك أصلاً في قدرة السعودية على زيادة إنتاجها. فقد ورد في برقيات سرّبها موقع "ويكيليكس" العام الماضي أن مسؤولين أميركيين وسعوديين كباراً استبعدوا منذ العام 2007 إمكانية زيادة المملكة إنتاجَها النفطي. فقد نقلت البرقيات عن صداد الحسيني، المسؤول السابق عن التنقيب في شركة النفط السعودية "أرامكو"، قوله لصانعي السياسات الأميركيين إن القدرة الإنتاجية لبلاده ستستقرّ عند حدود 12 مليون برميل في اليوم خلال العقد المقبل. هذا وصرّح وزير النفط السعودي علي النعيمي، الشهر الماضي، أنه ليست لدى المملكة نيّة بزيادة القدرة الإنتاجية من 12 إلى 15 مليون برميل في اليوم بحلول العام 2020، وذلك خلافاً للكلام الذي كان قد صرّح به الأمير تركي الفيصل، عضو العائلة المالكة في السعودية ورئيس المخابرات سابقاً.
إزاء عجز السعودية عن زيادة قدرتها الإنتاجية، تصبح الحاجة إلى خفض الاستهلاك الداخلي أكثر إلحاحاً. لكن إذا تمكّنت المملكة من كبح الاستهلاك الداخلي، فستحافظ المبيعات النفطية على نسبة عالية من الإرباحية في المدى الطويل، إذ أن الدراسات تشير إلى أن الطلب على نفط الخليج سيتسارع متجاوزاً أي نمو يمكن أن يشهده العرض في المستقبل. فبحلول العام 2030، ستزيد الصين استهلاكها للنفط بمعدّل الثلثَين، والهند بنسبة تفوق الضعف. حتى في الولايات المتحدة حيث يكثر الكلام عن الغاز الطبيعي والثورة في "التصديع الهيدروليكي" لاستخراج الغاز من الصخور، تشكّك بعض التقارير في صحة الادّعاءات بأن الولايات المتحدة ستصبح أكثر استقلالية في مجال الطاقة في المدى البعيد. فضلاً عن ذلك، سيؤدّي ارتفاع الطلب على النفط إلى ممارسة ضغوط تصاعدية على الأسعار. فقد ارتفع سعر برميل النفط من حوالى 60 دولاراً في العام 2009 إلى أكثر من 110 دولارات حالياً، الأمر الذي أتاح للسعودية تحقيق أرباح كبيرة، بما أن العالم لايملك خيارات كثيرة خارج إطار النفط الخليجي. ففي العام الماضي على سبيل المثال، حقّقت المملكة عائدات حكومية فاقت توقّعاتها بنسبة تزيد عن 80 في المئة، مدفوعةً في شكل كامل بالارتفاع في أسعار النفط التي سجّلت مستويات أعلى من المتوقّع.
بيد أن الاضطرابات السياسية في المنطقة، مقرونةً بالتباطؤ الاقتصادي العالمي، تؤخّر اعتماد مقاربة أوسع نطاقاً وأكثر شمولاً من أجل التنويع الناجح لمصادر الطاقة السعودية. وبما أن الاستهلاك الداخلي للنفط لايظهر أي مؤشرات فعلية عن إمكانية انحساره، قد تواجه المملكة قريباً خطر خسارة دورها الذي تستمدّه من كونها المصدر الأساسي للنفط في العالم. يصعب توقّع التداعيات التي يمكن أن تترتّب على أسواق الطاقة والأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، لكن المؤكّد هو أن هذا التطوّر سيُحدِث تبدّلاً جوهرياً في الدولة السعودية.
ادم رسمي صحافي و باحث، يكتب عن الشئون الاقتصادية، السياسية و الاجتماعية فى المشرق و الخليج العربى.
موقع صدى