بعد أكثر من خمس سنواتٍ على إطاحة الرئيس حسني مبارك، لاتزال أوجه القصور الهيكلية التي اتّسم بها الاقتصاد المصري قبل انتفاضة كانون الثاني/ينا...
بعد أكثر من خمس سنواتٍ على إطاحة الرئيس حسني مبارك، لاتزال أوجه القصور الهيكلية التي اتّسم بها الاقتصاد المصري قبل انتفاضة كانون الثاني/يناير 2011، قائمة. وكان مثل هذا القصور ساهم آنذاك في إطلاق شرارة الثورة ضد حكم مبارك؛ واليوم لاتزال إمكانية تجدّد الاضطرابات السياسية حقيقية جدّاً مالم تتم معالجة تلك العيوب.
بيد أن مصر تشهد راهناً استقراراً سياسيّاً نسبيّاً، مقارنةً مع ماكان عليه الحال قبل بضع سنوات. ويوفّر هذا الأمر للحكومة فرصة الشروع في عملية إعادة هيكلة شاملة لنموذج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وينبغي أن يكون هدف العملية إقامة نظام اقتصادي يستند إلى نمو شامل وقادرٍ على توليد فرص عملٍ نوعيّة تكفي من الناحية العددية لاستيعاب 600 ألف من الذين يطرقون أبواب سوق العمل كل عام.
عادلي هو باحث غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، حيث تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي، والدراسات التنموية، وعلم الاجتماع الاقتصادي للشرق الأوسط، مع تركيز على مصر.
لايمكن تحقيق التنمية الشاملة للجميع من دون معالجة وضع الاقتصاد المصري؛ في إطار التقسيم الدولي للعمل، أي ماتنتجه مصر وتتبادله مع بقية بلدان العالم. وطيلة العقود الأربعة الماضية، كان الوضع الاقتصادي الدولي للبلاد يعتمد على المواد الهيدروكربونية، وتحديداً النفط والغاز الطبيعي. ومع أن وزن القطاع الهيدروكربوني لم يكن مهيمناً قطّ في الناتج المحلّي الإجمالي في مصر، إلا أن المواد الهيدروكربونية ظلّت تشكّل المحرّك الأهم للقدرة التنافسية العالمية للبلاد، والمصدر الرئيس للعائدات المباشرة وغير المباشرة من العملات الأجنبية.
كانت مصر، خلال معظم تاريخها، مصدِّراً صافياً للنفط، مامكّنها من الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط العالمية، خاصة في أعقاب صدمتَي النفط في العامين 1973 و1979. لكن الوضع تغيّر في العام 2006، عندما حوّل تراجع الإنتاج وزيادة الاستهلاك البلاد إلى مستوردٍ صافٍ للنفط. آنذاك، تم تعويض ذلك بصفة مؤقّتة، بدءاً من ذلك العام، من خلال اكتشاف احتياطيات للغاز الطبيعي. ومع ذلك، أصبحت مصر بحلول العام 2012 مستورداً صافياً للنفط والغاز للمرة الأولى في تاريخها، لأن معدّل استهلاك الغاز، على غرار النفط قبله، تجاوز الإنتاج المحلّي، ناهيك عن أن الاستثمار في قطاع الغاز شهد تراجعاً.
مفارقة اعتماد مصر على المواد الهيدروكربونية
يشكّل اعتماد مصر على المواد الهيدروكربونية مفارقة، ذلك أن انخفاض الأسعار العالمية كان ينبغي أن يصبّ في صالح البلاد، لكن هذا لم يحدث. فقد هبطت أسعار النفط من 110 دولارات للبرميل في تموز/يوليو 2014 إلى حوالى 50 دولاراً في حزيران/يونيو 2016. ومن المتوقّع أن يستمر انخفاض أسعار النفط في ظل تراجع الطلب العالمي ووفرة العرض في السوق النفطية. وتوقّع تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي، والذي نُشر في نيسان/أبريل 2016، أن يبلغ متوسط أسعار النفط 40.99 دولاراً للبرميل في العام 2017، وأن يبقى على حاله بالقيمة الحقيقية (الخالية من التضخم) على مدى السنوات الأربع أو الخمس المقبلة.
كان يتعيّن على مصر، باعتبارها مستورداً صافياً للمواد الهيدروكربونية، أن تستفيد من انخفاض الأسعار العالمية للنفط والغاز، حيث أن انخفاض الأسعار يعزّز النمو الاقتصادي، ويسمح بخفض العجز في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات، ويحدّ من عجز الموازنة العامة للدولة. لكن أرقام العامَين الماضيَين تُنبئ في الواقع بعكس ذلك: فقد تأثّر الاقتصاد المصري سلباً جرّاء هبوط أسعار النفط، والسبب هو أن مصر لاتزال تعتمد بشكل كبير، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على النفط والغاز الطبيعي. كما لاتزال قدرة الاقتصاد على توليد العملة الأجنبية تتركّز في قطاع الهيدروكربونيات. والواقع أن نسبة 40 في المئة من إجمالي صادرات مصر من السلع تشمل النفط والغاز الطبيعي. ثم أن التحويلات المالية، التي بلغت 20 مليار دولار في العام 2014، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط، نظراً إلى وجود أعداد كبيرة من العمّال المصريين في دول مجلس التعاون الخليجي. يُضاف إلى ذلك أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر قد تَرَكّز تاريخياً على الصناعات الاستخراجية، وخاصة النفط والغاز.
وقد أدّى الهبوط الأخير في أسعار النفط إلى انكماش الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز، ماخيّب الآمال العريضة للحكومة المصرية في جذب رأس المال الأجنبي. كما أن هبوط الأسعار الذي شكّل ضغطاً هائلاً على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، كان بمثابة ضربة قوية للاقتصاد المصري. إذ هو أدّى أيضاً إلى خفض تحويلات العمّال، وتقويض قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على مواصلة تقديم المساعدات المالية والاستثمارات اللازمة لخفض العجز الكبير في ميزان المدفوعات في البلاد، والذي وصل إلى 3.4 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية 2015-2016، أي ثلاثة أضعاف ماكان عليه في العام السابق.
ومع أن انخفاض أسعار النفط يعني أن في وسع الحكومة المصرية خفض تكلفة الدعم على المواد الهيدروكربونية وتقليص فاتورة استيراد الوقود، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لانتشال الاقتصاد من وهدته الراهنة. فقد كان تدنّي قيمة السلع والخدمات المصدَّرة، من الوقود وسواه، أعلى من الانخفاض في قيمة الواردات، ما أسفر عن نقصٍ في العملات الأجنبية. وبدورها، تؤثّر أزمة العملة على الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص العمل، مايؤدّي إلى دورة أخرى من الركود الاقتصادي، بعد التباطؤ الذي شهده الاقتصاد المصري بين العامين 2011 و2014.
إرثٌ من السياسات الفاشلة
قُبيل انتفاضة العام 2011، أفرز اعتماد مصر الكبير على النفط والغاز الطبيعي تداعيات سياسية واقتصادية سلبية، ساهمت في تغذية السخط الشعبي. فقد اقتصرت معدّلات النمو المرتفعة على القطاعات كثيفة رأس المال، التي تعتمد على الهيدروكربونات، والتي لم توزّع عوائدها على قطاعات واسعة من السكان الواقعين في سنّ العمل. وحال الاعتماد على المواد الهيدروكربونية دون تطوير قطاع خاص أوسع وأكثر ديناميكية، الأمر الذي كان من شأنه خلق فرص العمل اللازمة لاستيعاب القوة العاملة المتنامية. وقد فاقمت هذه المشاكل الهيكلية الشعور بالتهميش الذي يعاني منه ملايين المصريين، ماعجّل اندلاع الثورة ضد نظام مبارك.
كان هذا الوضع الاقتصادي البائس حصيلة عقود من السياسات التي فشلت في تنويع القطاع الخارجي في مصر، من خلال تشجيع الصادرات والصناعات غير المتعلّقة بالطاقة كمصادر بديلة لعائدات العملة الأجنبية. والواقع أنه خلال الفترة الممتدّة بين عامّي 2004 و2010، اتّكل الاقتصاد المصري بشكلٍ مستتر على النفط والغاز الطبيعي، من خلال توسيع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الحديد والصلب والإسمنت والأسمدة والبتروكيماويات. نجحت مصر في زيادة صادراتها وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذه المجالات، بفضل الدعم الحكومي السخيّ للمنتجين. وحقّق دعم الوقود، خصوصاً بعد أن تجاوزت أسعار النفط العالمية 100 دولار للبرميل في العام 2008، أرباحاً كبيرة لصناعات الإسمنت والأسمدة والحديد والصلب والزجاج والألومنيوم، على حساب خزينة الدولة.
يتمثّل الجانب السلبي هنا في أن ذلك قد حدث في الوقت الذي بدأت فيه مصر باستيراد جزءٍ كبيرٍ من النفط الذي تستهلك. فقد جرى إنفاق نحو خُمس إجمالي فاتورة واردات البلاد لدفع ثمن المنتجات النفطية. وفي المقابل، خرج دعم الوقود (الذي يغطي أساساً البنزين البوتاجا والديزل أو السولار) عن السيطرة، وشكّل خمس إجمالي الإنفاق الحكومي خلال الفترة بين عامَي 2010 و2014، أي مايساوي عجز الموازنة العامة للدولة خلال الفترة نفسها.
مكّنت هذه الاستراتيجية المتمثّلة في مواصلة الاعتماد على المواد الهيدروكربونية، وبخاصة لجذب الاستثمار الأجنبي، الاقتصادَ المصري من النمو بقوة بمعدّل 6 في المئة سنوياً بين عامَي 2004 و2010. لكن حفنة من القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وذات رأس المال الكبير، مثل الغاز الطبيعي والنفط والإسمنت والحديد والصلب والبناء والعقارات، أفادت أكثر من سواها من النمو في البلاد، فيما اعتمدت كل القطاعات تقريباً، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على المواد الهيدروكربونية الرخيصة المُتاحة من خلال برامج الدعم الحكومي السخيّة.
كانت بُنية هذه القطاعات، المتمثّلة في كثافة رأس المال، تعني أن قدرتها على توليد أعداد كبيرة من فرص العمل محدودة. والنتيجة أنه في حين كانت معدّلات النمو مرتفعة، حدثت زيادة مماثلة في معدّلات البطالة، أو انخرط معظم العمّال في وظائف غير رسمية منخفضة الأجر والإنتاجية. علاوةً على ذلك، ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية نُشر في العام 2014، كان 91.1 في المئة من الشباب (ممن تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر وتسعة وعشرين عاماً) يعملون في القطاع غير الرسمي في العام 2012. وقد عزّز ذلك الشعور بأن النظام الاقتصادي في مصر ماضٍ في مفاقمة عدم المساواة والإقصاء الاجتماعي المتصوَّرين، كما كانت عليه الحال قبل انتفاضة العام 2011؛ وكل هذا في ظل شعور الغالبية العظمى من العاملين في القطاع غير الرسمي بأنهم تُركوا على قارعة الطريق.
باستثناء حفنة قليلة من الصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة ورأس المال، لاتقدّم الدولة اليوم حوافز أو برامج دعم ترمي إلى مساعدة السواد الأعظم من القطاع الخاص. وقد أعاق ذلك إمكانية نمو هذا القطاع، وقوّض قدرته على المنافسة في الاقتصاد العالمي، ورسّخ اعتماد مصر على النفط والغاز باعتبار ذلك الميزة النسبية الوحيدة التي تتمتّع بها البلاد في التقسيم الدولي للعمل.
لاتزال معظم مشروعات القطاع الخاص صغيرة جدّاً، نظراً إلى القيود المفروضة على نموّها. فهي تفتقر إلى رأس المال، والمهارات، والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج السلع والخدمات ذات الجودة العالية، والتي من شأنها أن تجعلها قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية وأسواق التصدير. وأدّى ذلك إلى تقويض فرص نشأة علاقات متبادلة بين مايُقدّر بـ2.1 مليون من المشروعات الخاصة متناهية الصغر والصغيرة في مصر وبين كبار المنتجين والمصدرين. وتجدر الإشارة إلى أن حوالى 97 في المئة من منشآت القطاع الخاص المصرية هي متناهية الصغر أو صغيرة، وتوظف أقل من عشرة موظفين (بينما 0.8 في المئة فقط من المشروعات توظف أكثر من عشرة موظفين). وعادةً ماتعتمد علاقات الاعتماد المتبادل بين المنشآت الاقتصادية، التي يُشار إليها باعتبارها صلات خلفية يتم من خلالها الحصول على السلع والخدمات المغذية اللازمة لإنتاج السلع النهائية، من منشآت متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة الحجم تتخصّص في إنتاج المدخلات التي يطلبها المنتجون وكبار الموزّعين.
ويُشير لويس ستيفنسون إلى غياب هذه الصلات الخلفية بوصفها "متلازمة الوسط المفقود" ( “missing middle syndrome”)، حيث يحتلّ عددٌ محدود من المشروعات الكبيرة جدّاً قمة هرم القطاع الخاص، في حين أن الغالبية العظمى من المشروعات في أسفل الهرم هي مشروعات متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة الحجم. وفيما تمثل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم 98 في المئة تقريباً من إجمالي عدد المشروعات الخاصة، إلا أن نصيبها من قطاع التصنيع الخاص من حيث القيمة متدنٍّ بصورة غير متكافئة، إذ يمثّل 7.5 في المئة فقط.
أحدثت متلازمة الوسط المفقود وغياب صلات خلفية يُعتدّ بها، نقطة ضعف رئيسة في الاقتصاد المصري، تمثّلت في اعتماده المطلق على المدخلات المستوردة. إذ تشكّل السلع نصف المصنّعة والوسيطة 40.3 في المئة من إجمالي الواردات، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ومن حيث القيمة، تبلغ الواردات أكثر من ضعفي الصادرات، ما أدّى إلى عجز تجاري ضخم يشكّل عبئاً على احتياطيات العملة الأجنبية، وبالتالي على قيمة الجنيه المصري.
إنهاء تبعيّة مُنهِكة
كي تتمكّن الحكومة المصرية من تطوير نموذج أكثر شمولية للجميع للتنمية، يتعيّن عليها وقف اعتمادها المنهِك على النفط والغاز الطبيعي، وبلورة استراتيجية طويلة الأجل لتحديد نوع الطاقة التي ستعتمد عليها مصر في المستقبل. كما يجب عليها وضع سياسة صناعية لتحديد الأنشطة الاقتصادية التي ستدعمها الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتسهيل هذه العملية.
ليست متلازمة الوسط المفقود قدراً محتوماً للاقتصاد المصري، بل هي أمر ناتج عن ميراث مؤسسي وسياسي. ولكي يتغلّب الاقتصاد المصري عليها ويتنوّع، يتعيّن على الدولة دعم قطاعَي الخدمات والصناعات التحويلية التي لاتعتمد على الاستخدام الكثيف للطاقة. ثمة أيضاً حاجة إلى وضع استراتيجية تصنيعية متكاملة لتطوير القاعدة العريضة لمنشآت القطاع الخاص، وتعزيز الصلات الخلفية التي تسمح بتوريد مدخلات الإنتاج محلية الصنع، وتحدّ بذلك من الاعتماد على المدخلات المستوردة. ولايمكن أن يتم ذلك إلا من خلال زيادة قدرة مشروعات القطاع الخاص على تلقّي رأس المال المادّي والتمويلي (أي من خلال الأراضي للأول والقروض المصرفية للثاني)، إضافةً إلى العمالة الماهرة والتكنولوجيا.
في الآونة الأخيرة، درست الحكومة وضع خطط تنمية وحوافز للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وخاصة تسهيل الحصول على التمويل وتحسين مهارات الموظفين. وأصدر البنك المركزي المصري في كانون الثاني/يناير 2016 لائحة تنظيمية تُقدّم للمصارف التجارية حوافز لتقديم قروض لهذه المنشآت. وكان هدف ذلك زيادة حصة المصارف من إجمالي القروض المُقدَّمة إلى القطاع الخاص من 5 إلى 20 في المئة في غضون أربع سنوات. وفي وقت سابق، في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، صدر قانون لتنظيم قواعد تقديم القروض للمشروعات متناهية الصغر حصراً.
لكن المفتقد في هذه المخططات هو دمج سياسات وأنظمة الدعم هذه في استراتيجية صناعية أوسع، بهدف تطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المجالات المحدّدة التي يطلبها كبار المنتجين والمصدّرين. وإذا مانجحت هذه الاستراتيجية في السنوات المقبلة، سيصبح من الممكن تقليص اعتماد مصر على الواردات من السلع نصف المصنّعة بصورة ملحوظة. علاوةً على ذلك، سيتم خلق فرص عمل أكثر إنتاجية، عندما تكتسب المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة قدرة أكبر على الوصول إلى الأسواق المحلية وربما الدولية.
وينبغي على الحكومة، بالتوازي مع دعم القطاعات التي لاتعتمد على الاستخدام الكثيف للطاقة، إصلاح سياساتها في مجال دعم الوقود وإعادة تخصيص الأموال لصالح القطاعات الاقتصادية الأكثر إنتاجية. فقد شكّل دعم الوقود 20 في المئة من إجمالي النفقات الحكومية بين عامَي 2011 و2014، أي مايعادل تقريباً العجز الهائل في الميزانية المصرية. إضافةً إلى ذلك، فإن نظام الدعم غير موجّه، وينتمي المستفيدون منه أساساً إلى الشرائح الاجتماعية ذات الدخل الأكثر ارتفاعاً، ذلك أنهم يميلون إلى استهلاك المزيد من الطاقة. لذا، يجب خفض دعم الوقود في غضون عامين أو ثلاثة أعوام من الآن، وإعادة توجيهه لخدمة الفئات التي هي في أمسّ الحاجة إليه. وهذا يعني استبعاد المنتجين (وهم أساساً الشركات الكبيرة سواء كانت مصرية ومتعدّدة الجنسيات) تماماً من برامج الدعم.
يجب أن يلبّي خفض دعم الوقود الحاجات التنموية، وليس الحاجات المالية لخفض العجز في الموازنة وحسب. ويتعيّن على الحكومة استخدام المال الذي توفّره لزيادة التمويل المخصّص للتعليم والتدريب المهني. وسيشكّل ذلك دعماً فعّالاً للمنتجين بصورة عامة واستثماراً في تحسين مهارات الشباب المصريين، بطريقة تمكّنهم من الانخراط في سوق العمل ومزاولة وظائف عالية الإنتاجية، وبالتالي مرتفعة الأجر، تلبّي الطلب في السوق. يتعيّن على الحكومة أيضاً بناء شراكات تسمح للقطاعين الحكومي والخاص بالعمل معاً لإعداد خطط تدريب وتطبيقها.
كانت سياسات الحكومة بشأن دعم الوقود غير متّسقة. إذ جرى خفض دعم الوقود في العام 2014 لأسباب مالية، إلا أن أسعار الطاقة المحلية ظلّت أقل من أسعار السوق العالمية، حتى بعد هبوط أسعار النفط في العام 2015. بعد ذلك، أوقفت الحكومة خفض الدعم في أعقاب تراجع أسعار النفط، وفضلت الإفادة من الانخفاض الحاصل في سوق النفط وتجنّب رفع أسعار الوقود على المستهلكين المصريين. وفي العام 2015، أبطلت الحكومة أيضاً الخفض في دعم المواد الهيدروكربونية من خلال تقليص أسعار النفط والغاز التي يتم توريدها إلى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. وأدّى ذلك إلى حدوث تشوّه في السوق وجذب الاستثمارات إلى الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، والتي لم تسفر عن خلق فرص عمل لأنها تقوم على كثافة رأس المال. إضافةً إلى ذلك، سمحت الأسعار المدعومة للمنتجين والمستثمرين بالاستفادة من الريع المتحقِّق نتيجة فرق سعر الوقود وتكلفة إتاحته، ماعكس كذلك غياب أي كفاءة في تخصيص الموارد.
الحاجة إلى إصلاح هيكل الإيرادات
إضافةً إلى السيطرة على نفقات الدولة، ينبغي على الحكومة المصرية إصلاح هيكل إيراداتها أيضاً. وهذا يعني اتباع استراتيجية واعية وشاملة ومتماسكة لتقليص اعتمادها على عائدات النفط والغاز، بالتزامن مع توسيع فيه قاعدتها الضريبية.
يُعدّ توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات، السبيل الوحيد أمام مصر للحدّ من عجز الموازنة والدين العام الهائل الذي يتوجّب على الحكومة أن تخدمه (وبلغ متوسّطه 25 في المئة من إجمالي النفقات بين عامي 2011 و2015). هذان الإجراءان ضروريان أيضاً للحكومة من أجل تمويل الاستثمار في البنية التحتية والتنمية البشرية. وتتطلّب زيادة عائدات الضرائب بناء القدرات داخل الهيئات المعنية بجمع ومعالجة المعلومات حول الاقتصاد، والتي تشمل الدخل والثروة والاستهلاك، لتسهيل عملية فرض الضرائب المباشرة.
يتم جني ثلث إيرادات الدولة في مصر من مصادر غير ضريبية، على غرار الهيئة المصرية العامة للبترول وهيئة قناة السويس بصورة رئيسة، إضافةً إلى المساعدات الخارجية التي ارتفعت بسرعة بين عامَي 2013 و2015، عندما هبّت دول مجلس التعاون الخليجي لمساعدة النظام المدعوم من الجيش. والحاسم هنا أن هذه الإيرادات غير الضريبية تمثّل المصدر الرئيس للعملة الأجنبية بالنسبة إلى الحكومة، وتُعتبر ضرورية لسداد قيمة واردات الغذاء والوقود. والواقع أن عائدات الضرائب في مصر بكل أنواعها لاتزال منخفضة جداً، وتشكّل نحو 15 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي (أي أقل من نصف متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 34 في المئة). وانخفض إجمالي إيرادات الدولة في مصر من نحو 30 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي في أوائل التسعينيات إلى نحو 20 في المئة في أوائل العقد الماضي. وبعد ذلك بوقت قصير، ارتفعت الإيرادات إلى 25 في المئة، قبل أن تتراجع بصورة حادّة مرة أخرى في أعقاب انتفاضة العام 2011 والتباطؤ الاقتصادي الذي تلاها. ومنذ ذلك الحين، لم تعد الإيرادات أبداً إلى المستويات التي كانت عليها في أوائل التسعينيات.
من الضروري أيضاً أن تُبلور الحكومة المصرية استراتيجية للطاقة على المدى الطويل. وينبغي أن تحدّد هذه الاستراتيجية مزيج الطاقة الذي ستعتمد عليه مصر في المستقبل، سواء سيستمر الاستثمار في قطاع المواد الهيدروكربونية أو سيطال التنويع مصادر جديدة للطاقة مثل الطاقة المتجدّدة أو الطاقة النووية. حتى الآن، تعتمد مصر اعتماداً شبه كامل على النفط والغاز. وقد أدّت الزيادة التي طرأت على أسعار النفط العالمية بين عامَي 2008 و2014 إلى عجز كبير في الميزانية وتضخّم فاتورة الواردات، كما عانت البلاد من نقص الوقود وانقطاع الكهرباء، خاصة بعد حالة عدم الاستقرار التي شهدتها في العام 2011. وأدّى ذلك إلى السعي لإنجاز خطط ترمي إلى تنويع مصادر الطاقة، وتم بموجبها اتخاذ قرارات قضت ببناء محطة للطاقة النووية بمساعدة روسية، واستيراد الفحم ليحلّ محلّ النفط والغاز الطبيعي في بعض الصناعات.
مع ذلك، كانت تلك القرارات عبارة عن ردود فعل على نقص الطاقة، أكثر منها جزءاً من خطة مدروسة جيداً. وثمّة دلائل تشير إلى التخلّي عن خطط تنويع مصادر الطاقة بعد الانخفاض الأخير في أسعار النفط العالمية، مايعرّض الاقتصاد المصري إلى خطر كبير في حال حدوث انتعاش في قطاع النفط ومعاودة الأسعار ارتفاعها. وبالتالي، من الأهمية بمكان أن تضع الحكومة استراتيجية طويلة الأجل بصرف النظر عن تقلّبات أسعار النفط على المدى القصير.
مصر والإمكانيات الاقتصادية الإقليمية
قد يكون لتنويع الاقتصاد المصري بُعدٌ إقليمي أيضاً. فقد أطلقت المملكة العربية السعودية استراتيجية طموحة للحدّ من الاتّكال على النفط بحلول العام 2030. ويمكن لمصر، باعتبارها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، أن تلعب دوراً هامّاً في تحقيق هذه الخطط على المستوى الإقليمي. فقد وضعت نسبياً أسس بنى تحتية وصناعية، وأبرمت شبكة واسعة من اتفاقيات الاستثمار والتجارة مع أوروبا والولايات المتحدة وروسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعالم العربي. وهذا يؤهّلها لكي تصبح المتلقّي الأكبر للاستثمارات السعودية والخليجية في القطاعات غير النفطية، ولكي تشكّل قاعدة صناعية لدول مجلس التعاون الخليجي ذات الكثافة السكانية المنخفضة. ويمكن لهذه الأشكال من التكامل الاقتصادي أن تتطوّر بالتوازي مع التعاون الأمني والسياسي والدبلوماسي والعسكري المكثّف بين مصر ودول الخليج منذ العام 2013.
سيكون التحدّي الأكبر في مصر في المستقبل القريب هو توفير ظروف اقتصادية تسمح بتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي. ولايقتصر تحقيق ذلك على السعي للعودة إلى معدّلات النمو الاقتصادي التي كانت سائدة قبل ثورة العام 2011، بل يتطلّب الاستقرار الجدّي والمستدام إعادة هيكلة نموذج التنمية المصري، حتى يتمكن الاقتصاد من استيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب المصريين الذين يدخلون سوق العمل كل عام، وتفادي السخط السياسي في صفوفهم.
تبدو هذه المهمّة صعبة، بيد أنها ليست مستحيلة. لكن الوقت ليس في صالح مصر. ويتعيّن على الحكومة إجراء إصلاحات مؤسّسية وسياسية بسرعة كبيرة نسبيّاً، وإلّا ستنفخ المعوقات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد مجدّداً في إوار مشاعر السخط التي طفت على السطح في كانون الثاني/يناير 2011، وكشفت بصورة كبيرة مناحي الضعف السياسي في مصر.
عمرو عادلي
باحث غير مقيم
المصدر:مركز كارنيغي للشرق الأوسط
بيد أن مصر تشهد راهناً استقراراً سياسيّاً نسبيّاً، مقارنةً مع ماكان عليه الحال قبل بضع سنوات. ويوفّر هذا الأمر للحكومة فرصة الشروع في عملية إعادة هيكلة شاملة لنموذج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وينبغي أن يكون هدف العملية إقامة نظام اقتصادي يستند إلى نمو شامل وقادرٍ على توليد فرص عملٍ نوعيّة تكفي من الناحية العددية لاستيعاب 600 ألف من الذين يطرقون أبواب سوق العمل كل عام.
عادلي هو باحث غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، حيث تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي، والدراسات التنموية، وعلم الاجتماع الاقتصادي للشرق الأوسط، مع تركيز على مصر.
لايمكن تحقيق التنمية الشاملة للجميع من دون معالجة وضع الاقتصاد المصري؛ في إطار التقسيم الدولي للعمل، أي ماتنتجه مصر وتتبادله مع بقية بلدان العالم. وطيلة العقود الأربعة الماضية، كان الوضع الاقتصادي الدولي للبلاد يعتمد على المواد الهيدروكربونية، وتحديداً النفط والغاز الطبيعي. ومع أن وزن القطاع الهيدروكربوني لم يكن مهيمناً قطّ في الناتج المحلّي الإجمالي في مصر، إلا أن المواد الهيدروكربونية ظلّت تشكّل المحرّك الأهم للقدرة التنافسية العالمية للبلاد، والمصدر الرئيس للعائدات المباشرة وغير المباشرة من العملات الأجنبية.
كانت مصر، خلال معظم تاريخها، مصدِّراً صافياً للنفط، مامكّنها من الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط العالمية، خاصة في أعقاب صدمتَي النفط في العامين 1973 و1979. لكن الوضع تغيّر في العام 2006، عندما حوّل تراجع الإنتاج وزيادة الاستهلاك البلاد إلى مستوردٍ صافٍ للنفط. آنذاك، تم تعويض ذلك بصفة مؤقّتة، بدءاً من ذلك العام، من خلال اكتشاف احتياطيات للغاز الطبيعي. ومع ذلك، أصبحت مصر بحلول العام 2012 مستورداً صافياً للنفط والغاز للمرة الأولى في تاريخها، لأن معدّل استهلاك الغاز، على غرار النفط قبله، تجاوز الإنتاج المحلّي، ناهيك عن أن الاستثمار في قطاع الغاز شهد تراجعاً.
مفارقة اعتماد مصر على المواد الهيدروكربونية
يشكّل اعتماد مصر على المواد الهيدروكربونية مفارقة، ذلك أن انخفاض الأسعار العالمية كان ينبغي أن يصبّ في صالح البلاد، لكن هذا لم يحدث. فقد هبطت أسعار النفط من 110 دولارات للبرميل في تموز/يوليو 2014 إلى حوالى 50 دولاراً في حزيران/يونيو 2016. ومن المتوقّع أن يستمر انخفاض أسعار النفط في ظل تراجع الطلب العالمي ووفرة العرض في السوق النفطية. وتوقّع تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي، والذي نُشر في نيسان/أبريل 2016، أن يبلغ متوسط أسعار النفط 40.99 دولاراً للبرميل في العام 2017، وأن يبقى على حاله بالقيمة الحقيقية (الخالية من التضخم) على مدى السنوات الأربع أو الخمس المقبلة.
كان يتعيّن على مصر، باعتبارها مستورداً صافياً للمواد الهيدروكربونية، أن تستفيد من انخفاض الأسعار العالمية للنفط والغاز، حيث أن انخفاض الأسعار يعزّز النمو الاقتصادي، ويسمح بخفض العجز في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات، ويحدّ من عجز الموازنة العامة للدولة. لكن أرقام العامَين الماضيَين تُنبئ في الواقع بعكس ذلك: فقد تأثّر الاقتصاد المصري سلباً جرّاء هبوط أسعار النفط، والسبب هو أن مصر لاتزال تعتمد بشكل كبير، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على النفط والغاز الطبيعي. كما لاتزال قدرة الاقتصاد على توليد العملة الأجنبية تتركّز في قطاع الهيدروكربونيات. والواقع أن نسبة 40 في المئة من إجمالي صادرات مصر من السلع تشمل النفط والغاز الطبيعي. ثم أن التحويلات المالية، التي بلغت 20 مليار دولار في العام 2014، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط، نظراً إلى وجود أعداد كبيرة من العمّال المصريين في دول مجلس التعاون الخليجي. يُضاف إلى ذلك أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر قد تَرَكّز تاريخياً على الصناعات الاستخراجية، وخاصة النفط والغاز.
وقد أدّى الهبوط الأخير في أسعار النفط إلى انكماش الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز، ماخيّب الآمال العريضة للحكومة المصرية في جذب رأس المال الأجنبي. كما أن هبوط الأسعار الذي شكّل ضغطاً هائلاً على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، كان بمثابة ضربة قوية للاقتصاد المصري. إذ هو أدّى أيضاً إلى خفض تحويلات العمّال، وتقويض قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على مواصلة تقديم المساعدات المالية والاستثمارات اللازمة لخفض العجز الكبير في ميزان المدفوعات في البلاد، والذي وصل إلى 3.4 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية 2015-2016، أي ثلاثة أضعاف ماكان عليه في العام السابق.
ومع أن انخفاض أسعار النفط يعني أن في وسع الحكومة المصرية خفض تكلفة الدعم على المواد الهيدروكربونية وتقليص فاتورة استيراد الوقود، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لانتشال الاقتصاد من وهدته الراهنة. فقد كان تدنّي قيمة السلع والخدمات المصدَّرة، من الوقود وسواه، أعلى من الانخفاض في قيمة الواردات، ما أسفر عن نقصٍ في العملات الأجنبية. وبدورها، تؤثّر أزمة العملة على الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص العمل، مايؤدّي إلى دورة أخرى من الركود الاقتصادي، بعد التباطؤ الذي شهده الاقتصاد المصري بين العامين 2011 و2014.
إرثٌ من السياسات الفاشلة
قُبيل انتفاضة العام 2011، أفرز اعتماد مصر الكبير على النفط والغاز الطبيعي تداعيات سياسية واقتصادية سلبية، ساهمت في تغذية السخط الشعبي. فقد اقتصرت معدّلات النمو المرتفعة على القطاعات كثيفة رأس المال، التي تعتمد على الهيدروكربونات، والتي لم توزّع عوائدها على قطاعات واسعة من السكان الواقعين في سنّ العمل. وحال الاعتماد على المواد الهيدروكربونية دون تطوير قطاع خاص أوسع وأكثر ديناميكية، الأمر الذي كان من شأنه خلق فرص العمل اللازمة لاستيعاب القوة العاملة المتنامية. وقد فاقمت هذه المشاكل الهيكلية الشعور بالتهميش الذي يعاني منه ملايين المصريين، ماعجّل اندلاع الثورة ضد نظام مبارك.
كان هذا الوضع الاقتصادي البائس حصيلة عقود من السياسات التي فشلت في تنويع القطاع الخارجي في مصر، من خلال تشجيع الصادرات والصناعات غير المتعلّقة بالطاقة كمصادر بديلة لعائدات العملة الأجنبية. والواقع أنه خلال الفترة الممتدّة بين عامّي 2004 و2010، اتّكل الاقتصاد المصري بشكلٍ مستتر على النفط والغاز الطبيعي، من خلال توسيع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الحديد والصلب والإسمنت والأسمدة والبتروكيماويات. نجحت مصر في زيادة صادراتها وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذه المجالات، بفضل الدعم الحكومي السخيّ للمنتجين. وحقّق دعم الوقود، خصوصاً بعد أن تجاوزت أسعار النفط العالمية 100 دولار للبرميل في العام 2008، أرباحاً كبيرة لصناعات الإسمنت والأسمدة والحديد والصلب والزجاج والألومنيوم، على حساب خزينة الدولة.
يتمثّل الجانب السلبي هنا في أن ذلك قد حدث في الوقت الذي بدأت فيه مصر باستيراد جزءٍ كبيرٍ من النفط الذي تستهلك. فقد جرى إنفاق نحو خُمس إجمالي فاتورة واردات البلاد لدفع ثمن المنتجات النفطية. وفي المقابل، خرج دعم الوقود (الذي يغطي أساساً البنزين البوتاجا والديزل أو السولار) عن السيطرة، وشكّل خمس إجمالي الإنفاق الحكومي خلال الفترة بين عامَي 2010 و2014، أي مايساوي عجز الموازنة العامة للدولة خلال الفترة نفسها.
مكّنت هذه الاستراتيجية المتمثّلة في مواصلة الاعتماد على المواد الهيدروكربونية، وبخاصة لجذب الاستثمار الأجنبي، الاقتصادَ المصري من النمو بقوة بمعدّل 6 في المئة سنوياً بين عامَي 2004 و2010. لكن حفنة من القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وذات رأس المال الكبير، مثل الغاز الطبيعي والنفط والإسمنت والحديد والصلب والبناء والعقارات، أفادت أكثر من سواها من النمو في البلاد، فيما اعتمدت كل القطاعات تقريباً، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على المواد الهيدروكربونية الرخيصة المُتاحة من خلال برامج الدعم الحكومي السخيّة.
كانت بُنية هذه القطاعات، المتمثّلة في كثافة رأس المال، تعني أن قدرتها على توليد أعداد كبيرة من فرص العمل محدودة. والنتيجة أنه في حين كانت معدّلات النمو مرتفعة، حدثت زيادة مماثلة في معدّلات البطالة، أو انخرط معظم العمّال في وظائف غير رسمية منخفضة الأجر والإنتاجية. علاوةً على ذلك، ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية نُشر في العام 2014، كان 91.1 في المئة من الشباب (ممن تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر وتسعة وعشرين عاماً) يعملون في القطاع غير الرسمي في العام 2012. وقد عزّز ذلك الشعور بأن النظام الاقتصادي في مصر ماضٍ في مفاقمة عدم المساواة والإقصاء الاجتماعي المتصوَّرين، كما كانت عليه الحال قبل انتفاضة العام 2011؛ وكل هذا في ظل شعور الغالبية العظمى من العاملين في القطاع غير الرسمي بأنهم تُركوا على قارعة الطريق.
باستثناء حفنة قليلة من الصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة ورأس المال، لاتقدّم الدولة اليوم حوافز أو برامج دعم ترمي إلى مساعدة السواد الأعظم من القطاع الخاص. وقد أعاق ذلك إمكانية نمو هذا القطاع، وقوّض قدرته على المنافسة في الاقتصاد العالمي، ورسّخ اعتماد مصر على النفط والغاز باعتبار ذلك الميزة النسبية الوحيدة التي تتمتّع بها البلاد في التقسيم الدولي للعمل.
لاتزال معظم مشروعات القطاع الخاص صغيرة جدّاً، نظراً إلى القيود المفروضة على نموّها. فهي تفتقر إلى رأس المال، والمهارات، والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج السلع والخدمات ذات الجودة العالية، والتي من شأنها أن تجعلها قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية وأسواق التصدير. وأدّى ذلك إلى تقويض فرص نشأة علاقات متبادلة بين مايُقدّر بـ2.1 مليون من المشروعات الخاصة متناهية الصغر والصغيرة في مصر وبين كبار المنتجين والمصدرين. وتجدر الإشارة إلى أن حوالى 97 في المئة من منشآت القطاع الخاص المصرية هي متناهية الصغر أو صغيرة، وتوظف أقل من عشرة موظفين (بينما 0.8 في المئة فقط من المشروعات توظف أكثر من عشرة موظفين). وعادةً ماتعتمد علاقات الاعتماد المتبادل بين المنشآت الاقتصادية، التي يُشار إليها باعتبارها صلات خلفية يتم من خلالها الحصول على السلع والخدمات المغذية اللازمة لإنتاج السلع النهائية، من منشآت متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة الحجم تتخصّص في إنتاج المدخلات التي يطلبها المنتجون وكبار الموزّعين.
ويُشير لويس ستيفنسون إلى غياب هذه الصلات الخلفية بوصفها "متلازمة الوسط المفقود" ( “missing middle syndrome”)، حيث يحتلّ عددٌ محدود من المشروعات الكبيرة جدّاً قمة هرم القطاع الخاص، في حين أن الغالبية العظمى من المشروعات في أسفل الهرم هي مشروعات متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة الحجم. وفيما تمثل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم 98 في المئة تقريباً من إجمالي عدد المشروعات الخاصة، إلا أن نصيبها من قطاع التصنيع الخاص من حيث القيمة متدنٍّ بصورة غير متكافئة، إذ يمثّل 7.5 في المئة فقط.
أحدثت متلازمة الوسط المفقود وغياب صلات خلفية يُعتدّ بها، نقطة ضعف رئيسة في الاقتصاد المصري، تمثّلت في اعتماده المطلق على المدخلات المستوردة. إذ تشكّل السلع نصف المصنّعة والوسيطة 40.3 في المئة من إجمالي الواردات، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ومن حيث القيمة، تبلغ الواردات أكثر من ضعفي الصادرات، ما أدّى إلى عجز تجاري ضخم يشكّل عبئاً على احتياطيات العملة الأجنبية، وبالتالي على قيمة الجنيه المصري.
إنهاء تبعيّة مُنهِكة
كي تتمكّن الحكومة المصرية من تطوير نموذج أكثر شمولية للجميع للتنمية، يتعيّن عليها وقف اعتمادها المنهِك على النفط والغاز الطبيعي، وبلورة استراتيجية طويلة الأجل لتحديد نوع الطاقة التي ستعتمد عليها مصر في المستقبل. كما يجب عليها وضع سياسة صناعية لتحديد الأنشطة الاقتصادية التي ستدعمها الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتسهيل هذه العملية.
ليست متلازمة الوسط المفقود قدراً محتوماً للاقتصاد المصري، بل هي أمر ناتج عن ميراث مؤسسي وسياسي. ولكي يتغلّب الاقتصاد المصري عليها ويتنوّع، يتعيّن على الدولة دعم قطاعَي الخدمات والصناعات التحويلية التي لاتعتمد على الاستخدام الكثيف للطاقة. ثمة أيضاً حاجة إلى وضع استراتيجية تصنيعية متكاملة لتطوير القاعدة العريضة لمنشآت القطاع الخاص، وتعزيز الصلات الخلفية التي تسمح بتوريد مدخلات الإنتاج محلية الصنع، وتحدّ بذلك من الاعتماد على المدخلات المستوردة. ولايمكن أن يتم ذلك إلا من خلال زيادة قدرة مشروعات القطاع الخاص على تلقّي رأس المال المادّي والتمويلي (أي من خلال الأراضي للأول والقروض المصرفية للثاني)، إضافةً إلى العمالة الماهرة والتكنولوجيا.
في الآونة الأخيرة، درست الحكومة وضع خطط تنمية وحوافز للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وخاصة تسهيل الحصول على التمويل وتحسين مهارات الموظفين. وأصدر البنك المركزي المصري في كانون الثاني/يناير 2016 لائحة تنظيمية تُقدّم للمصارف التجارية حوافز لتقديم قروض لهذه المنشآت. وكان هدف ذلك زيادة حصة المصارف من إجمالي القروض المُقدَّمة إلى القطاع الخاص من 5 إلى 20 في المئة في غضون أربع سنوات. وفي وقت سابق، في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، صدر قانون لتنظيم قواعد تقديم القروض للمشروعات متناهية الصغر حصراً.
لكن المفتقد في هذه المخططات هو دمج سياسات وأنظمة الدعم هذه في استراتيجية صناعية أوسع، بهدف تطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المجالات المحدّدة التي يطلبها كبار المنتجين والمصدّرين. وإذا مانجحت هذه الاستراتيجية في السنوات المقبلة، سيصبح من الممكن تقليص اعتماد مصر على الواردات من السلع نصف المصنّعة بصورة ملحوظة. علاوةً على ذلك، سيتم خلق فرص عمل أكثر إنتاجية، عندما تكتسب المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة قدرة أكبر على الوصول إلى الأسواق المحلية وربما الدولية.
وينبغي على الحكومة، بالتوازي مع دعم القطاعات التي لاتعتمد على الاستخدام الكثيف للطاقة، إصلاح سياساتها في مجال دعم الوقود وإعادة تخصيص الأموال لصالح القطاعات الاقتصادية الأكثر إنتاجية. فقد شكّل دعم الوقود 20 في المئة من إجمالي النفقات الحكومية بين عامَي 2011 و2014، أي مايعادل تقريباً العجز الهائل في الميزانية المصرية. إضافةً إلى ذلك، فإن نظام الدعم غير موجّه، وينتمي المستفيدون منه أساساً إلى الشرائح الاجتماعية ذات الدخل الأكثر ارتفاعاً، ذلك أنهم يميلون إلى استهلاك المزيد من الطاقة. لذا، يجب خفض دعم الوقود في غضون عامين أو ثلاثة أعوام من الآن، وإعادة توجيهه لخدمة الفئات التي هي في أمسّ الحاجة إليه. وهذا يعني استبعاد المنتجين (وهم أساساً الشركات الكبيرة سواء كانت مصرية ومتعدّدة الجنسيات) تماماً من برامج الدعم.
يجب أن يلبّي خفض دعم الوقود الحاجات التنموية، وليس الحاجات المالية لخفض العجز في الموازنة وحسب. ويتعيّن على الحكومة استخدام المال الذي توفّره لزيادة التمويل المخصّص للتعليم والتدريب المهني. وسيشكّل ذلك دعماً فعّالاً للمنتجين بصورة عامة واستثماراً في تحسين مهارات الشباب المصريين، بطريقة تمكّنهم من الانخراط في سوق العمل ومزاولة وظائف عالية الإنتاجية، وبالتالي مرتفعة الأجر، تلبّي الطلب في السوق. يتعيّن على الحكومة أيضاً بناء شراكات تسمح للقطاعين الحكومي والخاص بالعمل معاً لإعداد خطط تدريب وتطبيقها.
كانت سياسات الحكومة بشأن دعم الوقود غير متّسقة. إذ جرى خفض دعم الوقود في العام 2014 لأسباب مالية، إلا أن أسعار الطاقة المحلية ظلّت أقل من أسعار السوق العالمية، حتى بعد هبوط أسعار النفط في العام 2015. بعد ذلك، أوقفت الحكومة خفض الدعم في أعقاب تراجع أسعار النفط، وفضلت الإفادة من الانخفاض الحاصل في سوق النفط وتجنّب رفع أسعار الوقود على المستهلكين المصريين. وفي العام 2015، أبطلت الحكومة أيضاً الخفض في دعم المواد الهيدروكربونية من خلال تقليص أسعار النفط والغاز التي يتم توريدها إلى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. وأدّى ذلك إلى حدوث تشوّه في السوق وجذب الاستثمارات إلى الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، والتي لم تسفر عن خلق فرص عمل لأنها تقوم على كثافة رأس المال. إضافةً إلى ذلك، سمحت الأسعار المدعومة للمنتجين والمستثمرين بالاستفادة من الريع المتحقِّق نتيجة فرق سعر الوقود وتكلفة إتاحته، ماعكس كذلك غياب أي كفاءة في تخصيص الموارد.
الحاجة إلى إصلاح هيكل الإيرادات
إضافةً إلى السيطرة على نفقات الدولة، ينبغي على الحكومة المصرية إصلاح هيكل إيراداتها أيضاً. وهذا يعني اتباع استراتيجية واعية وشاملة ومتماسكة لتقليص اعتمادها على عائدات النفط والغاز، بالتزامن مع توسيع فيه قاعدتها الضريبية.
يُعدّ توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات، السبيل الوحيد أمام مصر للحدّ من عجز الموازنة والدين العام الهائل الذي يتوجّب على الحكومة أن تخدمه (وبلغ متوسّطه 25 في المئة من إجمالي النفقات بين عامي 2011 و2015). هذان الإجراءان ضروريان أيضاً للحكومة من أجل تمويل الاستثمار في البنية التحتية والتنمية البشرية. وتتطلّب زيادة عائدات الضرائب بناء القدرات داخل الهيئات المعنية بجمع ومعالجة المعلومات حول الاقتصاد، والتي تشمل الدخل والثروة والاستهلاك، لتسهيل عملية فرض الضرائب المباشرة.
يتم جني ثلث إيرادات الدولة في مصر من مصادر غير ضريبية، على غرار الهيئة المصرية العامة للبترول وهيئة قناة السويس بصورة رئيسة، إضافةً إلى المساعدات الخارجية التي ارتفعت بسرعة بين عامَي 2013 و2015، عندما هبّت دول مجلس التعاون الخليجي لمساعدة النظام المدعوم من الجيش. والحاسم هنا أن هذه الإيرادات غير الضريبية تمثّل المصدر الرئيس للعملة الأجنبية بالنسبة إلى الحكومة، وتُعتبر ضرورية لسداد قيمة واردات الغذاء والوقود. والواقع أن عائدات الضرائب في مصر بكل أنواعها لاتزال منخفضة جداً، وتشكّل نحو 15 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي (أي أقل من نصف متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 34 في المئة). وانخفض إجمالي إيرادات الدولة في مصر من نحو 30 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي في أوائل التسعينيات إلى نحو 20 في المئة في أوائل العقد الماضي. وبعد ذلك بوقت قصير، ارتفعت الإيرادات إلى 25 في المئة، قبل أن تتراجع بصورة حادّة مرة أخرى في أعقاب انتفاضة العام 2011 والتباطؤ الاقتصادي الذي تلاها. ومنذ ذلك الحين، لم تعد الإيرادات أبداً إلى المستويات التي كانت عليها في أوائل التسعينيات.
من الضروري أيضاً أن تُبلور الحكومة المصرية استراتيجية للطاقة على المدى الطويل. وينبغي أن تحدّد هذه الاستراتيجية مزيج الطاقة الذي ستعتمد عليه مصر في المستقبل، سواء سيستمر الاستثمار في قطاع المواد الهيدروكربونية أو سيطال التنويع مصادر جديدة للطاقة مثل الطاقة المتجدّدة أو الطاقة النووية. حتى الآن، تعتمد مصر اعتماداً شبه كامل على النفط والغاز. وقد أدّت الزيادة التي طرأت على أسعار النفط العالمية بين عامَي 2008 و2014 إلى عجز كبير في الميزانية وتضخّم فاتورة الواردات، كما عانت البلاد من نقص الوقود وانقطاع الكهرباء، خاصة بعد حالة عدم الاستقرار التي شهدتها في العام 2011. وأدّى ذلك إلى السعي لإنجاز خطط ترمي إلى تنويع مصادر الطاقة، وتم بموجبها اتخاذ قرارات قضت ببناء محطة للطاقة النووية بمساعدة روسية، واستيراد الفحم ليحلّ محلّ النفط والغاز الطبيعي في بعض الصناعات.
مع ذلك، كانت تلك القرارات عبارة عن ردود فعل على نقص الطاقة، أكثر منها جزءاً من خطة مدروسة جيداً. وثمّة دلائل تشير إلى التخلّي عن خطط تنويع مصادر الطاقة بعد الانخفاض الأخير في أسعار النفط العالمية، مايعرّض الاقتصاد المصري إلى خطر كبير في حال حدوث انتعاش في قطاع النفط ومعاودة الأسعار ارتفاعها. وبالتالي، من الأهمية بمكان أن تضع الحكومة استراتيجية طويلة الأجل بصرف النظر عن تقلّبات أسعار النفط على المدى القصير.
مصر والإمكانيات الاقتصادية الإقليمية
قد يكون لتنويع الاقتصاد المصري بُعدٌ إقليمي أيضاً. فقد أطلقت المملكة العربية السعودية استراتيجية طموحة للحدّ من الاتّكال على النفط بحلول العام 2030. ويمكن لمصر، باعتبارها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، أن تلعب دوراً هامّاً في تحقيق هذه الخطط على المستوى الإقليمي. فقد وضعت نسبياً أسس بنى تحتية وصناعية، وأبرمت شبكة واسعة من اتفاقيات الاستثمار والتجارة مع أوروبا والولايات المتحدة وروسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعالم العربي. وهذا يؤهّلها لكي تصبح المتلقّي الأكبر للاستثمارات السعودية والخليجية في القطاعات غير النفطية، ولكي تشكّل قاعدة صناعية لدول مجلس التعاون الخليجي ذات الكثافة السكانية المنخفضة. ويمكن لهذه الأشكال من التكامل الاقتصادي أن تتطوّر بالتوازي مع التعاون الأمني والسياسي والدبلوماسي والعسكري المكثّف بين مصر ودول الخليج منذ العام 2013.
سيكون التحدّي الأكبر في مصر في المستقبل القريب هو توفير ظروف اقتصادية تسمح بتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي. ولايقتصر تحقيق ذلك على السعي للعودة إلى معدّلات النمو الاقتصادي التي كانت سائدة قبل ثورة العام 2011، بل يتطلّب الاستقرار الجدّي والمستدام إعادة هيكلة نموذج التنمية المصري، حتى يتمكن الاقتصاد من استيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب المصريين الذين يدخلون سوق العمل كل عام، وتفادي السخط السياسي في صفوفهم.
تبدو هذه المهمّة صعبة، بيد أنها ليست مستحيلة. لكن الوقت ليس في صالح مصر. ويتعيّن على الحكومة إجراء إصلاحات مؤسّسية وسياسية بسرعة كبيرة نسبيّاً، وإلّا ستنفخ المعوقات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد مجدّداً في إوار مشاعر السخط التي طفت على السطح في كانون الثاني/يناير 2011، وكشفت بصورة كبيرة مناحي الضعف السياسي في مصر.
عمرو عادلي
باحث غير مقيم
المصدر:مركز كارنيغي للشرق الأوسط