Archive Pages Design$type=blogging

التشفي باسم الديمقراطية وحكم لا يعرف التقصير!

خطأ فادح أن يتناسى بعض المنتسبين للحركة الديمقراطية في مصر الأهمية الأخلاقية والسياسية الكبرى للدفاع عن الحقوق الشخصية والحريات الفردية والم...

خطأ فادح أن يتناسى بعض المنتسبين للحركة الديمقراطية في مصر الأهمية الأخلاقية والسياسية الكبرى للدفاع عن الحقوق الشخصية والحريات الفردية والمدنية لمجموعات المواطنين المؤيدين للسلطوية الحاكمة أو المستقطبين لتأييدها خوفا. وخطأ فادح أيضا أن يتورط نفر من الديمقراطيين في توظيف رديء للانتهاكات المفزعة التي تتعرض لها المجموعات المؤيدة والمستقطبة يجعل منها مادة للتشفي أما في عجز السلطوية عن حمايتهم أو في عدم اكتراث الحكام بحقوقهم وحرياتهم. وكأن جرائم القتل وإسالة الدماء وإشاعة الخوف والتهجير وعذابات الناس الناجمة عنها يستقيم تسييسها في مقام أول ثم اختزالها إلى مصدر للتشفي في سلطوية حاكمة في مقام ثان.

ففي الخلط بين المعارضة المشروعة للسلطوية الحاكمة وبين الامتناع عن تقديم الاحترام الواجب لإنسانية من يصطفون معها طوعا وخوفا والدفاع الضروري عن حقوقهم وحرياتهم بمعزل عن اختياراتهم السياسية تدليس مريض وكارثة يلحقها بالحركة الديمقراطية صغار ضمير وفكر.

عن قتل المصريين الأقباط في سيناء وعن التهجير المفزع لأسرهم إلى مدن كالإسماعيلية وبورسعيد أكتب، عن خليط التجاهل والتشفي الذي أنتجه بعض المنتسبين للحركة الديمقراطية وألقوا به على عتبات الأقباط ومؤسساتهم الدينية بلسان حال بائس يقول «ها هي السلطوية التي تصطفون معها تعجز عن حمايتكم وتتركهم فريسة للقتل والتهجير، فلتتحملوا إذن كلفة التأييد غير المشروط وثمن التنصل من الانتصار لحقوق وحريات آخرين سامتهم الآلة الأمنية للسلطوية القتل والتعذيب والتعقب!raquo;&

أي استخفاف بشع هذا بالدماء التي سالت؟ أي استعلاء على آلام الأسر القبطية التي هجرت وتركت وراءها بيوتا ومواطنا صنعوا بها حياتهم؟ أي عصف شامل بالقاعدة الديمقراطية الأصيلة التي تلزم بتقديم التضامن مع الضحايا على غيرها من الاعتبارات وبالابتعاد عن شبهات تسييس الموقف من جرائم وانتهاكات الحقوق والحريات؟ أي إساءة للضحايا الآخرين الذين لا ينشدون تشفيا وتكفيهم استفاقة من صمتوا في الماضي متبوعة بمساءلة ومحاسبة المتورطين في انتهاك حقوقهم وحرياتهم حين تتيح ذلك ظروف سياسية مواتية؟ أي

دفع للأقباط نحو مواصلة الاصطفاف مع السلطوية الحاكمة لانعدام ثقتهم في تضامن مجتمعي واسع يوفر لهم حماية بديلة؟ ثم أي جنون هذا الذي يزين لبعض المنتسبين للحركة الديمقراطية توجيه سهام النقد للسلطوية من خلال التشفي في الضحايا عوضا عن التفنيد الموضوعي لنواقص ومثالب السياسات الحكومية التي مازالت عاجزة عن السيطرة الأمنية على سيناء وعوضا أيضا عن صياغة بدائل فعلية بشأن طرق موجهة الإرهاب في سيناء؟

في المقابل، لم تتعامل السلطوية الحاكمة مع ما حاق بالأقباط في سيناء من قتل وتهجير سوى بخليط لا يقل بؤسا من التهديدات الكلامية وحديث الإنكار. من «نستطيع أن ندمر قرى بأكملها في سيناء إن أردنا، غير إننا نحرص على حياة وممتلكات المواطنين» إلى «هناك مبالغات إعلامية كثيرة، لم يترك سيناء من الأقباط إلا القليلين»، ومن «سنقضي على العناصر الإرهابية في غضون الشهور المقبلة» إلى «نوفر للأسر القبطية في الإسماعيلية وبورسعيد سبل الحياة الكريمة والاستقرار»، وغيرها من الصياغات التي تستدعب دوما من خانات ودهاليز الخطاب الرسمي لمؤسسات الدولة المصرية.

هكذا تتوالى مقولات التهديد من عل والجمل الإنكارية التي تستدعى للتحايل على واقع أليم شديد الوطأة في سيناء على جميع ساكنيها من المسلمين والأقباط، من المدنيين والعسكريين والأمنيين، من الشيوخ والشباب. وكأن السياسات الأمنية المنفذة في سيناء لا تتضمن الاستخدام الممنهج للقوة المفرطة، وانتهاكات مفزعة تطول المواطنين كالقتل خارج القانون والاختفاء القسري والتعذيب وسلب الحرية. وكأن التداعيات المجتمعية والسياسية الخطيرة للقوة المفرطة وللعبث المستمر بسيادة القانون يسهل إنكارها. ألم يرتب مؤخرا تكرر جرائم القتل خارج القانون والاختفاء القسري في مدينة العريش حملة للعصيان المدني تصدرتها عوائل المدينة التي صفت الأجهزة الأمنية نفر من أبنائها بزعم أنشطتهم الإرهابية؟ أو كأن كارثة التهجير وفقدان البيوت والمواطن يمكن التقليل من شأنها عبر تعويض المهجرين عن انتهاكات حقوقهم وحرياتهم بتوفير سبل الحياة الكريمة. أين الحياة الكريمة لضحايا إرهاب وتطرف وطائفية مقيتة، وضحايا سياسات حكومية عاجزة؟

مؤسسات الدولة في مصر، وهي اليوم تحت سيطرة السلطوية الحاكمة ومكونها العسكري ـ الأمني القوي، لا تعرف معاني ومضامين مفاهيم التقصير والعجز والإخفاق لكي تعترف بهم إن فيما خص توفير الحماية للمصريين الأقباط في سيناء أو منع تهجيرهم الذي حدث وكأن البلاد تواجه عدوانا خارجيا. هم الأبطال المنقذون الذين لا تأتيهم الأخطاء من بين أياديهم أو من خلفهم.

والسلطوية الحاكمة لا تعرف معنى وقيمة النقد الذاتي لكي تمارسه أو تمكن لممارسته في الفضاء العام دون خوف من قمع وتعقب وعقاب. وبالتبعية توصف في الخطاب الرسمي كل محاولة للتقييم الموضوعي للسياسات الأمنية المنفذة في سيناء ولحصادها بين 2013 و2017 كخيانة للوطن وتورط في عدم تقدير التضحيات الجسام للجيش والشرطة، ويصنف صاحبها كخائن ومتآمر على أمن البلاد واستقرارها حتى وهو يعلن على رؤوس الأشهاد إدانته للإرهاب ورفضه للعنف وتقديره الإنساني والوطني لتضحيات الجيش والشرطة وتعظيمه لشهداء الوطن.

أما منتجو ومروجو الخطاب الرسمي، فهم لا يعرفون سوى ادعاء امتلاك الحق الحصري للحديث باسم الناس دون الحديث معهم أو النقل الأمين عنهم. لذلك يتحول الضحايا الأقباط في سيناء إلى «عدد بسيط» من الأسر التي «تركت سيناء» و«جاءت» إلى الإسماعيلية وبورسعيد، وتنزع عنهم هوية الضحايا التي تستبعد من الخطاب الرسمي إن كمحض مبالغة إعلامية أو كفعلة ساقطة لباحثين عن إشعال التوترات الطائفية في مصر. وعندها تصير التهديدات الكلامية ويصير حديث الإنكار جوهر تعامل السلطوية الحاكمة مع الأوضاع الإنسانية والمجتمعية والسياسية بالغة السوء التي تحيط أهل سيناء من كل جانب.

بين التشفي البائس باسم الديمقراطية والسلطوية الحاكمة التي لا تعرف معاني ومضامين التقصير لكي تعترف به، تضيع حقوق أقباط سيناء اليوم، وغدا ستضيع حقوق آخرين.

عمرو حمزاوي
باحث رئيسي
برنامج كارنيغي للشرق الأوسط

التعليقات

الاسم

أتاتورك أحياء إختراع أدوية إذاعة أرامكو أردوغان أسبانيا إستاكوزا إسرائيل أسلحة إصابات إعلام أفريقيا أقباط إقتصاد إكتشاف أكراد الأباء الإباحية الإبتكار الأبراج الأبناء الإتحاد الأوربي الأثرياء الأجانب الإجهاض الأحزاب الأخبار الأخوان الإخوان الأديان الأردن الأرض الإرهاب الإرهابيين الأزهر الإستجمام الأسرة الإسلام الإسلامية الإسلاميين الإصطناعي الأطفال الإعتداء الأعسر الإعلام الإغتيال الإغتيالات الأغنياء الأفلام الإباحية الأقباط الإقتصاد الأكراد الألتراء الألتراس الإلحاد الألعاب الإلكترونية الألمان الأم الفردية الأمارات الإمارات الإمارات العربية الأمازيغ الأمراض الأمم المتحدة الأمن الأمواج الأمومة الأميرة دايانا الإنتاج الإنتحاريين الإنترنت الإنتفاضة الإنجليز الإنفصال الانفلونزا الأهرام الأهلي الأوسكار البترول البحر البدو البشر البصرة البناء البنك المركزي البوذية البورصة البيئة التجميل التجنيد التحديث التحرش الترفيه التشدد التطرف التغيير التقشف التليفون التهرب الضريبي الثدي الثقافة الثورة الجاذبية الجامعات الجراثيم الجزائر الجسد الجفاف الجماعات الإسلامية الجماهير الجنس الجنسي الجنود الجنيه الجهاد الجيش الحاسب الحاسوب الحب الحرارة الحرب الحرس الثوري الحزب الجمهوري الحشد الشعبي الحكومة الحوثيون الختان الخديوي الخلافة العثمانية الخليج الخليج العربي الدانمارك الدولار الدولة الديكتاتورية الديمقراطية الدين الدينية الديون الذكاء الذكاء الإصطناعي الربيع العربي الرجل الرقمي الروبوت الروبوتات الروهينجا الري الزراعة السرطان السعودية السفر السكان السلام السلة السلطان السلطة السلطة الفلسطينية السلطوية السلفية السلفيين السمنة السموم السنة السود السودان السوريون السياحة السياسة السياسي السيسي السينما السيول الشباب الشرطة الشرق الشرق الأوسط الشريعة الشمس الشيعة الصحة الصحراء الصحف الصحفيين الصخري الصدر الصواريخ الصين الضرب الطاقة الطعام الطفل الطوارئ ألعاب العاصمة العاطفة العالم العثمانيون العدالة العدالة الإجتماعية العراق العرب العربي العسكر العقل العلاج العلم العلماء العلمانية العلويون العمال العمل العملة العنصرية العنف العنف الأسري الغاز الغذاء الغرب الفراعنة الفرعونية الفساد الفضاء الفضائيات الفقر الفلسطنيين الفلك الفن القاعدة القانون القاهرة القبائل القدس القذافي القوات المسلحة القومية العربية الكبد إلكترونيات الكنيسة الكنيسة اليونانية الكهنة الكواكب الكورة الكوليرا الكويت اللاجئين الليرة المال المانيا المتشددين المتطرفين المتوسط المثالي المجتمع المجلس العسكري المحمول المدينة المنورة المذبحة المرأة المراهقين المرض المريخ المساواة المستقبل المسلسلات المسلمون المسيحية المصريين المعلومات المغرب المقاتلون المقاولون المقبرة الملائ الأمن الملك توت المليشيات المناخ المنطقة العربية المنظمات الموبايل الموساد الموضة المياه الميراث النجوم النساء النظافة النظام النفايات النفط النووي النيل الهند الهوس الهوليجنز الهوية الوالدة باشا الوراثة الولادة الوليد بن طلال الوهابية اليابان ألياف ضوئية اليمن اليهود اليهودية اليورو اليونان أمراض أمريكا امريكا أموال أميركا اميركا أميريكا إنترنت إنجلترا أهرامات الجيزة أوربا اوربا أوروبا أوسكار إيبولا إيران إيفان الرهيب أيمن الظواهري بازل باسم يوسف باكستان براكين بريطانيا بنجلاديش بوتفليقة بوتن بوتين بووليود بيراميدز بينج تاريخي تجارة تحت المجهر ترامب تركيا تشارلز تشلسي تصوير تعليم تغير مناخي تكنولوجيا تليفزيون تونس تويتر ثروات جبهة النصرة جدة جراحة جنس جوته جوجول جونسون جيرتود بيل حاسب حزب الله حفتر حفريات حماس خاشقجي خامئني خداع خليفة حفتر خيال علمي دارفور داعش دبي دراما دوري السلة الأمريكي ديانا ديمقراطية ديناصور رأس رام الله رجل ألي رسوم روبرت ماردوخ روسيا روما رياضة زراعة زرع زواج ساعة أبل سامي عنان ستراتفور سرت سرطان سفينة فضاء سكن سنيما سوء التغذية سوريا سياسة سيف الإسلام القذافي سيناء سينما شارلز شعاع شفيق شمال أفريقيا شيخ الأزهر صحافة صحة صدام حسين صندوق النقد الدولي صنعاء صوت طائرات طاقة طاقة نووية طب طبي طعمية طفيل طلاق عبد القادر الجزائري عبد الناصر عدن عرب عسكرية عصابات عقل علاج علوم وصحة عمل عنان غاز غزة فحم فرعون فرنسا فضائيات فقر فلافل فلسطين فن فن وثقافة فنزويلا فوكس نيوز فيتنام فيديو فيروس فيروس سي فيس بوك فيصل فيضان فيورينتنا قارون قبرص قتل قش الأرز قطر قمع قنصوة قواعد كائنات كاس العالم كاسيني كافاليرز كافاليير كاميرا كتالونيا كربون كرة القدم كليوباترا كوكايين كيسنجر كيفين دورانت لاجئين لبنان لغة لوحات ليبرون جيمس ليبيا ليزر ليفربول لييبا مائير كاهانا ماري كوري مال وأعمال مايكروسوفت متجددة مجتمع مجتمع وإعلام مجتمعات مجلس الأمن محمد بن سلمان محمد صلاح مختبرات مخدرات مدرسة مراهقات مرتزقة مرض مركبات الفضاء مسلسل مسلسلات مسلمين مصر مصري مطلقات معارك معدل وراثيا معدن معرض مكة ملفات مليشيا مهاجرين موبايل موسى موسيقى مي تو مينمار نتنياهو نساء نسخ نظام الفقيه نفط نفظ نقابة نيكسون هاري هوليوود وباء وعد بلفور وقود ولي العهد وليام ياهو accessories animals anxiety art artist assignment attraction aviation bag beach beautiful destinations Best Catering Best Catering Services bicycle bicylce tours bigger bitter juice Blood Pressure botox brain brazilian buildings business Business Website cannes activity career cartoon Catering Services cave cheap hotels cheap loan cigarette climbing clothing communication Control Blood Control Blood Pressure cook cosmetic coursework craziness credit cremation deppression dermal Ease Stiffness education effective Engine Optimization entrepreneur ethnic wear europan explore eyes face finance fire damage focus food food tips fruit furniture garden gardening glasses gym hand tools health herbal Herbal Treatment High Blood home home loan home tips Hypertension Naturally immune system india Joint Pain Joint Pain Relief kindle life life hack loans marriage mba meal money movie music natural Natural Joint Natural Joint Pain occassion office Orthoxil Plus outdoor Pain Relief Pain Relief Treatment paris pets photographer pumpkin quality Reduce Hypertension Reduce Hypertension Naturally relationship relaxed Relief Treatment round face runner sea Search Engine Search Engine Optimization Search Engines self help self improvements shoes Side Effects sleep smoking snowboard social spain sports stories stress Stresx Capsules style success surgery travel trees vegetable voice voyage Website Design wi-fi winter work world zodiac sign
false
rtl
item
الجيل الجديد: التشفي باسم الديمقراطية وحكم لا يعرف التقصير!
التشفي باسم الديمقراطية وحكم لا يعرف التقصير!
الجيل الجديد
https://geel25elgaded.blogspot.com/2017/06/blog-post_68.html
https://geel25elgaded.blogspot.com/
http://geel25elgaded.blogspot.com/
http://geel25elgaded.blogspot.com/2017/06/blog-post_68.html
true
6246319857275187510
UTF-8
لايوجد اي تدوينة المزيد المزيد الرد اغلاق الرد حذف By الصفحة الرئيسية صفحة مقالة المزيد مواضيع ذات صلة التسميات الارشيف البحث لا يوجد اي تدوينة الصعود الى الاعلى Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago