Archive Pages Design$type=blogging

المحمول واحتمالات الإصابة بالسرطان.. علاقة حيرت العلماء

"عقب إصابتي بورم في الأذن الداخلية، أكد لي الأطباء بمستشفى بوردو -حيث كنتُ أتلقى علاجي- أن السبب الرئيسي لمرضِي هو الموجات المنبعثة من ...

"عقب إصابتي بورم في الأذن الداخلية، أكد لي الأطباء بمستشفى بوردو -حيث كنتُ أتلقى علاجي- أن السبب الرئيسي لمرضِي هو الموجات المنبعثة من الهاتف الجوال (المحمول)، مما اضطرني إلى تغيير نمط حياتي اليومية كليًّا". هذا ما تحدث به "ريمي فيلا"، الفرنسي، بطل العالم في ركوب الأمواج، في لقاء تليفزيوني على قناة "فرانس إنفو".

شهادة "فيلا" وغيره من ضحايا مرض سرطان الأذن أو الدماغ، ما زالت تؤرق كثيرًا من الباحثين، وتثير لغطًا واسعًا في الأوساط العلمية.

فهناك شكوك وتساؤلات ما زالت تحوم حول استخدام الهاتف المحمول الذي يفرض نفسه يومًا بعد الآخر كأحد مفردات حياتنا اليومية، وعلاقة ذلك كله بالإصابة بالأورام السرطانية.

الأمر الذي حاولت أن تجيب عنه عدد من الدراسات العلمية، كان آخرها دراسة حديثة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة الأمريكية (مؤسسة للأبحاث العلمية تعمل عبر 27 معهدًا ومركزًا متخصصًا في مجال البحوث) عن تأثير إشعاع الترددات اللاسلكية للهاتف المحمول على الحيوانات.

الدراسة -التي استغرقت نحو عشر سنوات، وتكلفت حوالي 25 مليون دولار أمريكي- طال انتظار نتائجها كثيرًا، ورغم ذلك لم تُعطِ جوابًا قاطعًا عن هذه التأثيرات.

ففي الوقت الذي أصيبت فيه بعض فئران التجربة بالأورام، وتلف في الحمض النووي والأنسجة، وانخفاض أوزان بعضها من حديثي الولادة (الجرذان)، وكذلك أمهاتهن عند تعرُّضهن لمستويات عالية من الإشعاعات وقت الحمل والرضاعة، لم تظهر أية تأثيرات تُذكر على مجموعة أخرى منها في عينة البحث ذاتها.

من ناحية أخرى، أكد باحثو الدراسة أنه ما من قرائن تشير إلى وجود تأثيرات واضحة من هذا النوع على صحة الإنسان. وهو ما وضع فريق البحث في "حالة من الحيرة والحذر عند عرض نتائجه".

يقول "جون بوتشر"، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة -التي يُعتقَد أنها الأكثر شمولًا للآثار الصحية لهذا النوع من الإشعاع على الفئران- في مؤتمر صحفي عُقد لعرض نتائج الدراسة: "لا نشعر بأننا نفهم ما يكفي عن تأثيرات الترددات اللاسلكية الخاصة باستخدام المحمول على الصحة العامة؛ نظرًا لعدم اتساق ما توصلنا إليه من نتائج في جانب منها مع بعضها الآخر".

وأوضح أنه جرى تعريض الفئران لمستوىً عالٍ من الإشعاع، يفوق القدر الذي يتعرض له البشر حتى عند الاستخدامات القصوى للهاتف المحمول...، ويستطرد بوتشر في تحفُّظ -في إجابة له عن أحد الأسئلة حول استخداماته، هو نفسه، للهاتف-: "لم أغير طريقة استخدامي للهاتف المحمول، بالطبع لا".

يعلق "عمرو السمان"، أستاذ جراحة المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة القاهرة، على ما صرح به بوتشر، بقوله: "هناك بعض التحفظات قد تشوب نتائج البحث، فقد تعرضت حيوانات التجربة لكمٍّ كبير جدًّا من الإشعاعات يفوق المعدل الطبيعي الذي يتعرض له البشر عند استخدامهم المحمول في الحياة اليومية، وقد تم وضعها في غرف مغلقة، بعكس ما تكون عليه أنماط الاستخدام لدى البشر".

من ناحية أخرى، كانت الهواتف المستخدمة في التجربة من فئة الـ2G والـ3G، وهي طرز من الهواتف الخلوية ينبعث منها إشعاعات أقل من تلك المستخدمة اليوم، الـ4G، وقد تصل أيضًا لـ5G في بعض البلدان.



 

سجال علمي واسع

شملت الدراسات التي أجراها البرنامج الوطني لعلم السموم 3000 حيوان اختبار تم وضعها في غرف خاصة، وتعريضها لمدة تسع ساعات في اليوم لمستويات من الإشعاع تحاكي ما يصدر عن هواتف الجيل الثاني 2G والثالث 3G، والتي كانت الأكثر شيوعًا عندما بدأت الدراسة.

تعرضت القوارض لمستويات مختلفة من الأشعة مدةً تصل إلى عامين. وتراوحت مستويات التعرض من 1.5 إلى 6 واط لكل كيلوجرام (واط/ كج) في الجرذان، و2.5 إلى 10 واط/ كج عند الفئران، وهو مساوٍ للحد الأقصى المسموح للأنسجة التعرُّض لها من انبعاثات الهواتف المحمولة.

وتُعَد أكثر النتائج مفاجأةً أن الجرذان الذكور -ولكن ليس الجرذان الإناث أو الفئران الذكور أو الإناث- قد أصيبت بأورام شوانوماس الخبيثة malignant schwannomas في الأعصاب المحيطة بالقلب.

كما شهد الباحثون تزايُدًا في الأضرار التي لحقت بأنسجة القلب لدى كلٍّ من الفئران الذكور والإناث. وإذا جرى تأكيد هذه النتائج، فمن الممكن تصنيف هذا النوع من الإشعاع "مادةً مسرطنة ضعيفة"، على حد تعبير بوتشر.

كما أظهرت الدراسة أن كلًّا من الفئران والجرذان أصيبت بالأورام في أجزاء أخرى من الجسم - الدماغ والبروستاتا والكبد والبنكرياس- ولكن العلماء أعربوا عن أنه من غير الواضح ما إذا كانت تلك الأورام مرتبطةً بالأشعة المنبعثة من المحمول أم لا.

تثير هذه النتائج اليوم سجالًا واسعًا في الأوساط الطبية والبيئية. ويبقى الباحثون في حالة من الترقُّب لما أتت به تلك الأطروحة.

ففي الوقت الذي ترى فيه إدارة الغذاء والعقاقير (أحد رعاة الدراسة) أن النتائج رغم غموضها أكدت أن التعرض لأشعة المحمول تسبب في إصابة بعض الحيوانات بالأورام، كما أعربت "أولجا نيدنكو"، المستشارة العلمية الناشطة في مجال البيئة، عبر بيان صحفي عن أنه من الضروري لصنّاع القرار تحذير الأمريكيين وتوعيتهم من استخدام هذه الهواتف، يعتقد فريق علمي ثانٍ، أنه رغم كون نتائج الدراسة مهمة وتستحق الاهتمام فإنها أيضًا "يجب ألا تثير الذعر".

فقد كتب "أوتيس براولي" -باحث بالجمعية الأمريكية للسرطان- عبر إحدى المدونات أنه حتى الآن ما من دليل قاطع يؤكد وجود علاقة وطيدة بين السرطان واستخدام المحمول. وهو ما يؤيده "جيفري شورين"، مدير مركز الأجهزة والصحة الإشعاعية بإدارة الغذاء والعقاقير، فهو يرى أنه حتى مع الاستخدام اليومي المتكرر من قِبَل الغالبية العظمى من البالغين، لم نرَ زيادةً في الإصابة بأورام المخ، على حد تعبيره.



 

سريان النار في الهشيم

ربما لم يكن لهذا السجال أهمية قصوى قبل ثلاثين عامًا. فقد كان التليفون المحمول يخطو الخطوات الأولى في حذر قبل أن يشهد العالم طفرة كبيرة في صناعته وترويجه منذ تسعينيات القرن الماضي.

وتعود التجارب الأولى لاختراع الهاتف الخلوى إلى أكثر من أربعة عقود. ففي يوم 3 أبريل 1973، أدهش "مارتن كوبر" -المهندس بشركة موتورولا للاتصالات في شيكاغو- المارة في الشارع عندما نجح في إجراء أول مكالمة هاتفية لصديقه جويل إنجل الذي كان ينتظره في المختبر. تلك العبارة "أنا أحادثك من هاتف خلوي، هاتف خلوي حقيقي" -التي كانت أول ما يستقبله وينقله هذا الاختراع- ربما غيرت كثيرًا من أنماط الحياة على سطح الكوكب.

بعد عشر سنوات تقريبًا، أصدرت موتورولا ديناتاك Motorola DynaTAC سلسلةً من الهواتف الخلوية المصنعة في الفترة بين أعوام 1984-1994، كانت أشبه بقطعة صلبة من اللون البيج تزن ما يربو على كيلوجرام، وقد بلغ سعرها 3500 دولار تقريبًا. ويُعَد هذا النموذج الأول الذي خرجت من عباءته كل الهواتف الخلوية بعد ذلك.

ومنذ ذلك الوقت، بدأت أعداد التليفون المحمول تتزايد على نحوٍ مطَّرد، ليصل عدد مستخدميه إلى 67% من إجمالي سكان العالم أو ما يعادل 5 مليارات نسمة، 80% منهم الآن من مستخدمي الهواتف الذكية، وفقًا لأرقام منظمة "جلوبال ديجيتال سناب شوت"Global Digital Snapshot في تقريرها السنوي الصادر عام 2017.

في مصر التى شهدت المحادثات الأولى للمحمول عام 1996، رفعت الشركات العاملة في مجال الاتصالات شعارًا تجاريًّا "المحمول مع الجميع".

ويبدو أن شركات المحمول قد وصلت بالفعل إلى هدفها، فقد تمكَّن هذا الجهاز من عبور حواجز المكان والتبايُن العمري، وكذلك المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ليصبح بالفعل في يد الجميع، بل جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، لا سيما مع ظهور الهواتف الذكية بشكل قد تلخصه عبارة "نور عمر"، ذات السبعة عشر ربيعًا متسائلة: "ماذا كنا سنفعل لو لم يكن هذا الهاتف الذي أصبح يأكل أوقاتنا موجودًا في الحياة؟! لم نعد نتصور العيش بدونه، سنشعر بأننا في سجن، إذ يتيح لنا هذا الجهاز الصغير نافذةً على العالم".

وأمام سريان النار في الهشيم بتلك السرعة، أصبح العلماء أمام تحدٍّ كبير. فهم يسابقون الزمن في مختبراتهم من أجل إيجاد روشتة أو صيغة مُثلى للاستخدام الأمثل لهذا المحمول، لا سيما مع هذا الكم الهائل من الإشعاعات التي أصبحت تلازمنا أينما ذهبنا.

ولعل التجربة الأسترالية قد حاولت منذ اليوم الأول لإدخال المحمول هناك عام 1987 أن تتقصى آثاره الصحية على مستخدميه. ففي دراسة حديثة استمرت ثلاثة عقود بين عام 1982-2013، توصل فريق بحثي أسترالي إلى أنه لا توجد زيادة في معدلات الإصابة بسرطان الدماغ تتوافق مع الزيادة الحادة في استخدام الهاتف.

أُجريت هذه الدراسة على عينة مكونة من 19858 رجلًا و14222 سيدة. وقد تمكَّن الباحثون من إعطاء نتائج مؤكدة نظرًا لأن حالات الإصابة بالسرطان يتم توثيقها هناك بشكل دقيق وفقًا للقانون.

[caption id="attachment_7032" align="aligncenter" width="800"] صورة بالأشعة للدماغ قبل إستعمال المحمول (يسار) وبعد إستخدام المحمول (يمين). يلاحظ إزدياد سخونة المنطقة بجانب الأذن (اللون الأحمر).[/caption]

 

من ناحية أخرى، مكَّنت البيانات المتوافرة من قياس تلك العلاقة (المرض-الهاتف)، بسبب بدء الحصر في الوقت الذي كانت أعداد المحمول في أستراليا صفرًا حتى وصل إلى أيادي 90% من مواطنيها.

لوحظ حدوث زيادة طفيفة في معدلات الإصابة بالسرطان لدى الذكور، ولكن لم يكن هناك فرق ملحوظ في الإناث. كما أن الدراسة أشارت إلى وجود زيادة ملحوظة للإصابة بالسرطان في الفئة العمرية ما بين 70-84، لكن التاريخ المرضي لهؤلاء قد بدأ في فترة سابقة لاستخدام الهاتف المحمول.

يقول "عمرو السمان": هناك سؤال يطرح نفسه بشكل مُلحّ: هل هناك زيادة في معدل الإصابة عقب انتشار المحمول؟ الإجابة: بالقطع نعم، لكن لا يُعزى ذلك إلى استخدام الهاتف الخلوي فقط، وفق رأيه، فهناك عوامل أخرى قد يكون لها تأثير، كانتشار أجهزة الرنين المغناطيسي، مما أتاح فرصةً أكبر لتشخيص المرض، ووعي المرضى عند الشعور بأي شكوى، وكذلك الزيادة السكانية المطردة.

من ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى الملوِّثات التي قد تتسبب في وقوع المرض، فالمحمول ليس المصدر الوحيد المسؤول عن الموجات اللاسلكية، فلقد أصبح هذا النوع من الإشعاعات يحيط بنا في كل مكان في خضم عالم رقمي يقتحم حياتنا اليومية، وفق السمان، الذي يضيف: "هناك أنماط جديدة من السكن لم تكن معروفةً من قبل في مصر، وقد تكون مسؤولةً بشكلٍ ما عن هذه الزيادة المطردة في الإصابة، مثل المساكن التي جرى تشييدها على مقربة من أبراج الضغط العالي مثلًا"، مشددًا على أن كل تلك العوامل قد تؤثر بشكلٍ ما، فلا يجب أن يكون المحمول هو الوحيد الماثل في قفص الاتهام.

تتعارض هذه الدراسات مع ما جاءت به دراسة سويدية بقسم الأورام في مستشفى الجامعة بأوربرو. اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات مجمَّعة بين عامي (1997- 2003) من حالات مرضى سرطان الدماغ ما زالوا على قيد الحياة، وأخرى من قِبَل شهود من الأقارب أو المحيطين ببعض الحالات المتوفاة من خلال استبانة.

وقد تبيَّن أن هناك زيادةً في مخاطر الإصابة بالأورام الدبقية Glioma (أحد أشكال الأورام التي تصيب الجهاز العصبي المركزي) واستخدام الهاتف. وتتزايد تلك المخاطر بشكل ملحوظ كلما زاد معدل استخدام الهاتف المحمول (بالساعة وعدد المرات) ولدى أفراد العينة الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة.

وهو الأمر الذي قد يكون أول الأدلة العلمية التي يجب أخذها في الاعتبار عند ترك الصغار يتعرضون لهذا الكم من الإشعاعات من ناحية، بل وحتمية تقليل استخدام الهاتف قدر المستطاع في حالات الضرورة؛ لأن الثرثرة في الهاتف الخلوي قد يكون ثمن فاتورتها باهظًا.

لكن دراسةً أخرى أُجريت في الدنمارك ما بين عامي (1990-2007)، على كل المواطنين الذين يبلغون من العمر 30 عامًا أو أكثر، توصلت إلى نتائج مختلفة نوعًا ما. تم تقسيم العينة إلى مجموعات تستخدم الهاتف المحمول منذ عام 1995، وأخرى لا تستخدمه.

طرحت الدراسة العلاقة بين استخدام الهاتف المحمول والإصابة بأورام الجهاز العصبي والدماغ؛ فهما الجزءان الأكثر تعرُّضًا للمجالات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهاتف المحمول، وفقًا للباحثين في هذه الدراسة.

وقد توصل هؤلاء الباحثون إلى أنه لا توجد أي قرائن علمية بين الإصابة بالسرطان واستخدام الهاتف. وكانت النتائج واحدةً بالنسبة لأفراد العينة من الذكور والإناث. كما لم يكن هناك أية صلة بين معدل استخدام الهاتف وعدد سنوات الاشتراك في هذه الخدمة أو عن طريق الموقع التشريحي للورم، في مناطق الدماغ الأقرب إلى موضع الهاتف من الرأس عادةً.

ومع ذلك توصي دراسة أخرى -أجراها فريق من الباحثين بقسم طب الأذن والحنجرة بكلية الطب، في جامعة يونسي بكوريا الجنوبية- مرضى السرطان بعدم استخدام الهاتف المحمول؛ لأنه قد يؤثر على حجم الورم. وتوصل العلماء إلى أن أورام شوانوماس الدهليزية تنمو في المنطقة حيث يتم امتصاص الطاقة من استخدام الهاتف المحمول.

قسَّم الباحثون العينة إلى مجموعة ضابطة وأخرى مصابة بورم شوانوماس الدهليزي؛ لمعرفة هل يؤثر استخدام المحمول على الإصابة بالمرض أم لا.

فحص العلماء 119 مريضًا خضعوا لجراحات لاستئصال الأورام، ثم بعد ذلك عكفوا على تعرُّف معدل استخدام المحمول عبر استبانة (مدة ومرات الاستخدام اليومي) ومقارنة ذلك كله في كلٍّ من المجموعتين. ثم أُجريت دراسة للحالات بأشعة الرنين المغناطيسي لتعرُّف حجم الورم ومكانه، وعلاقة ذلك كله بمعدل استخدام الهاتف الخلوي.

وفقًا للورقة البحثية المنشورة على موقع مكتبة الولايات المتحدة الوطنية للطب والمعاهد الوطنية للصحة، "يتزامن حدوث الأورام في الأذن الأكثر استخدامًا عند التحدث على الهواتف المحمولة. وقد أظهر حجم الورم ارتباطًا قويًّا مع معدل استخدام الهاتف المحمول، وبالتالي هناك احتمال أن استخدام الهاتف المحمول قد يؤثر على نمو الأورام الموجودة".



 

تأثير من نوع آخر

وإذا كانت أطروحات كثيرة قد ناقشت تداعيات استخدام الهاتف من الناحية التشريحية، فقد اهتمت دراسات أخرى بالبحث في تأثيره على وظائف المخ والجوانب النفسية له، وبصفة خاصة أنماط استخدام تلك الحواسيب المصغرة المسماة بالهواتف الذكية.

عند النظر إلى الهاتف في أثناء البحث عادةً ما تميل الرقبة إلى أسفل، إلا إذا كنا نرفع بانتظام الهاتف على مستوى العين. هذا يعني أننا نضع حوالي 27 كجم (60 رطلًا) من الضغط الإضافي على العنق.

وقد وجد الباحثون أن الوضع الذي نتخذه عند النظر في هواتفنا هكذا يشبه ذلك الذي يتخذه المرضى الذين يعانون من الاكتئاب.

ففى دراسة أجراها قسم طب النفس بجامعة أوكلاند، ثبت أنه عندما يضطر الأفراد إلى التحدب، يكون لذلك تأثير سلبي على المزاج الشخصي وتقدير الذات.

كما أظهر تقرير علمي آخر صادر عن قسم علم النفس الإكلينيكي، بجامعة هيلدسهايم، أن التحدُّب يمكن أن يتسبب في فقدان الذاكرة، في حين أن الجلوس على نحوٍ سليم يساعدنا على الاحتفاظ بمزيد من المعلومات، وهو سبب علمي وجيه آخر، لا بد من وضعه فى الاعتبار عند تبنِّي أنماط يومية في الجلوس عند استخدام المحمول.

تقول الكاتبة "إيمي كيودي" بجريدة النيويورك تايمز: "من المفارقات أن نقضي وقتًا طويلًا يوميًّا أمام تلك الأجهزة على أمل أن نزيد من إنتاجيتنا وتفاعلنا، لكن ذلك كله قد يؤدي في الواقع إلى عكس ذلك. فوضع الجسد يمكن أن يشكِّل الرسالة النفسية ويكون المفتاح للمزاج الجيد والثقة بالنفس"، كما تقترح الكاتبة تجنُّب التحدُّب والانحناء أمام شاشات صغيرة، واستخدام أخرى أكبر بقدر المستطاع، فضلًا عن ضرورة المواظبة على تمارين لشد الظهر والعنق والعضلات.

يضع "دان سيجل"، أستاذ الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، نصيحةً أخيرةً قبل النوم بخصوص استخدام الهاتف الخلوي، فهو يطرح الآثار السلبية الناجمة عن مشاهدة شاشة المحمول على كلٍّ من الدماغ والجسم. فوفقًا له، تأتي المشكلة من حقيقة أن إيقاع الساعة البيولوجية الخاصة بكل فرد، والتي تحدد متى يفرز الجسم الهرمونات للنوم، والتي يتحكم بها التعرُّض للضوء، تتأثر كثيرًا بذلك.

فعند التحقق من الهاتف ليلًا، ترسل تيارًا من الفوتونات في العين يجعل العقل لا يفرز الميلاتونين- الهرمون الذي يجعلنا نشعر بالتعب. وإذا تكرر ذلك بشكل يومي، سيفقد الفرد ساعات من النوم اللازمة للمخ كل يوم، والتي تُعَد أحد المتطلبات الحيوية له.

فالحصول على ما بين سبع وتسع ساعات من النوم كل ليلة لا يسمح فقط للخلايا العصبية أن تبقى نشطة، لكن النوم ساعات كافية يقوي الخلايا الدبقية التي تؤدي دورًا كبيرًا في تنظيف السموم العصبية التي تتراكم في أدمغتنا على مدار اليوم.

وعندما لا نحصل على قسطٍ كافٍ من النوم، لا تستطيع هذه الخلايا الدبقية أداء وظائفها، وفي نهاية المطاف تؤثر على الذاكرة ووظيفة الانتباه بالدماغ.

قبل أن يصبح الموبايل الرفيق الذي يلازمنا حتى الفراش لنبقى مستيقظين على فيسبوك حتى منتصف الليل، لا بد أن نعرف أن لهذه الرفقة ثمنًا لا بد من سداده.



 

وفيما يلي بعض التعليمات الخاصة عند استخدام المحمول، وفقًا للدكتور عمرو السمان:

1- عدم النوم بجوار المحمول.

2- استخدام سماعة لإبعاد المحمول عن الدماغ بقدر الإمكان.

3- ضرورة إتاحة معلومات عند شراء الهواتف عن كمِّ الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من المحمول 2G و3G و4G وأضرار كلٍّ منها؛ حتى يتمكن المستهلك من اختيار ما يناسب استخداماته اليومية مع تفادي قدر أكبر من الضرر.

4-  تأخير سن استخدام المحمول بقدر المستطاع لدى الأفراد.

5- تقليل استخدام الهواتف المحمولة لدى المرضى المصابين بأورام في الدماغ أو الأذن.

دينا درويش
صحفية تخصصت في الشأن المجتمعي وملف حقوق الإنسان لأكثر من 20 عاما.


المصدر: موقع للعلم
https://www.scientificamerican.com/arabic/

التعليقات

الاسم

أتاتورك أحياء إختراع أدوية إذاعة أرامكو أردوغان أسبانيا إستاكوزا إسرائيل أسلحة إصابات إعلام أفريقيا أقباط إقتصاد إكتشاف أكراد الأباء الإباحية الإبتكار الأبراج الأبناء الإتحاد الأوربي الأثرياء الأجانب الإجهاض الأحزاب الأخبار الأخوان الإخوان الأديان الأردن الأرض الإرهاب الإرهابيين الأزهر الإستجمام الأسرة الإسلام الإسلامية الإسلاميين الإصطناعي الأطفال الإعتداء الأعسر الإعلام الإغتيال الإغتيالات الأغنياء الأفلام الإباحية الأقباط الإقتصاد الأكراد الألتراء الألتراس الإلحاد الألعاب الإلكترونية الألمان الأم الفردية الأمارات الإمارات الإمارات العربية الأمازيغ الأمراض الأمم المتحدة الأمن الأمواج الأمومة الأميرة دايانا الإنتاج الإنتحاريين الإنترنت الإنتفاضة الإنجليز الإنفصال الانفلونزا الأهرام الأهلي الأوسكار البترول البحر البدو البشر البصرة البناء البنك المركزي البوذية البورصة البيئة التجميل التجنيد التحديث التحرش الترفيه التشدد التطرف التغيير التقشف التليفون التهرب الضريبي الثدي الثقافة الثورة الجاذبية الجامعات الجراثيم الجزائر الجسد الجفاف الجماعات الإسلامية الجماهير الجنس الجنسي الجنود الجنيه الجهاد الجيش الحاسب الحاسوب الحب الحرارة الحرب الحرس الثوري الحزب الجمهوري الحشد الشعبي الحكومة الحوثيون الختان الخديوي الخلافة العثمانية الخليج الخليج العربي الدانمارك الدولار الدولة الديكتاتورية الديمقراطية الدين الدينية الديون الذكاء الذكاء الإصطناعي الربيع العربي الرجل الرقمي الروبوت الروبوتات الروهينجا الري الزراعة السرطان السعودية السفر السكان السلام السلة السلطان السلطة السلطة الفلسطينية السلطوية السلفية السلفيين السمنة السموم السنة السود السودان السوريون السياحة السياسة السياسي السيسي السينما السيول الشباب الشرطة الشرق الشرق الأوسط الشريعة الشمس الشيعة الصحة الصحراء الصحف الصحفيين الصخري الصدر الصواريخ الصين الضرب الطاقة الطعام الطفل الطوارئ ألعاب العاصمة العاطفة العالم العثمانيون العدالة العدالة الإجتماعية العراق العرب العربي العسكر العقل العلاج العلم العلماء العلمانية العلويون العمال العمل العملة العنصرية العنف العنف الأسري الغاز الغذاء الغرب الفراعنة الفرعونية الفساد الفضاء الفضائيات الفقر الفلسطنيين الفلك الفن القاعدة القانون القاهرة القبائل القدس القذافي القوات المسلحة القومية العربية الكبد إلكترونيات الكنيسة الكنيسة اليونانية الكهنة الكواكب الكورة الكوليرا الكويت اللاجئين الليرة المال المانيا المتشددين المتطرفين المتوسط المثالي المجتمع المجلس العسكري المحمول المدينة المنورة المذبحة المرأة المراهقين المرض المريخ المساواة المستقبل المسلسلات المسلمون المسيحية المصريين المعلومات المغرب المقاتلون المقاولون المقبرة الملائ الأمن الملك توت المليشيات المناخ المنطقة العربية المنظمات الموبايل الموساد الموضة المياه الميراث النجوم النساء النظافة النظام النفايات النفط النووي النيل الهند الهوس الهوليجنز الهوية الوالدة باشا الوراثة الولادة الوليد بن طلال الوهابية اليابان ألياف ضوئية اليمن اليهود اليهودية اليورو اليونان أمراض أمريكا امريكا أموال أميركا اميركا أميريكا إنترنت إنجلترا أهرامات الجيزة أوربا اوربا أوروبا أوسكار إيبولا إيران إيفان الرهيب أيمن الظواهري بازل باسم يوسف باكستان براكين بريطانيا بنجلاديش بوتفليقة بوتن بوتين بووليود بيراميدز بينج تاريخي تجارة تحت المجهر ترامب تركيا تشارلز تشلسي تصوير تعليم تغير مناخي تكنولوجيا تليفزيون تونس تويتر ثروات جبهة النصرة جدة جراحة جنس جوته جوجول جونسون جيرتود بيل حاسب حزب الله حفتر حفريات حماس خاشقجي خامئني خداع خليفة حفتر خيال علمي دارفور داعش دبي دراما دوري السلة الأمريكي ديانا ديمقراطية ديناصور رأس رام الله رجل ألي رسوم روبرت ماردوخ روسيا روما رياضة زراعة زرع زواج ساعة أبل سامي عنان ستراتفور سرت سرطان سفينة فضاء سكن سنيما سوء التغذية سوريا سياسة سيف الإسلام القذافي سيناء سينما شارلز شعاع شفيق شمال أفريقيا شيخ الأزهر صحافة صحة صدام حسين صندوق النقد الدولي صنعاء صوت طائرات طاقة طاقة نووية طب طبي طعمية طفيل طلاق عبد القادر الجزائري عبد الناصر عدن عرب عسكرية عصابات عقل علاج علوم وصحة عمل عنان غاز غزة فحم فرعون فرنسا فضائيات فقر فلافل فلسطين فن فن وثقافة فنزويلا فوكس نيوز فيتنام فيديو فيروس فيروس سي فيس بوك فيصل فيضان فيورينتنا قارون قبرص قتل قش الأرز قطر قمع قنصوة قواعد كائنات كاس العالم كاسيني كافاليرز كافاليير كاميرا كتالونيا كربون كرة القدم كليوباترا كوكايين كيسنجر كيفين دورانت لاجئين لبنان لغة لوحات ليبرون جيمس ليبيا ليزر ليفربول لييبا مائير كاهانا ماري كوري مال وأعمال مايكروسوفت متجددة مجتمع مجتمع وإعلام مجتمعات مجلس الأمن محمد بن سلمان محمد صلاح مختبرات مخدرات مدرسة مراهقات مرتزقة مرض مركبات الفضاء مسلسل مسلسلات مسلمين مصر مصري مطلقات معارك معدل وراثيا معدن معرض مكة ملفات مليشيا مهاجرين موبايل موسى موسيقى مي تو مينمار نتنياهو نساء نسخ نظام الفقيه نفط نفظ نقابة نيكسون هاري هوليوود وباء وعد بلفور وقود ولي العهد وليام ياهو accessories animals anxiety art artist assignment attraction aviation bag beach beautiful destinations Best Catering Best Catering Services bicycle bicylce tours bigger bitter juice Blood Pressure botox brain brazilian buildings business Business Website cannes activity career cartoon Catering Services cave cheap hotels cheap loan cigarette climbing clothing communication Control Blood Control Blood Pressure cook cosmetic coursework craziness credit cremation deppression dermal Ease Stiffness education effective Engine Optimization entrepreneur ethnic wear europan explore eyes face finance fire damage focus food food tips fruit furniture garden gardening glasses gym hand tools health herbal Herbal Treatment High Blood home home loan home tips Hypertension Naturally immune system india Joint Pain Joint Pain Relief kindle life life hack loans marriage mba meal money movie music natural Natural Joint Natural Joint Pain occassion office Orthoxil Plus outdoor Pain Relief Pain Relief Treatment paris pets photographer pumpkin quality Reduce Hypertension Reduce Hypertension Naturally relationship relaxed Relief Treatment round face runner sea Search Engine Search Engine Optimization Search Engines self help self improvements shoes Side Effects sleep smoking snowboard social spain sports stories stress Stresx Capsules style success surgery travel trees vegetable voice voyage Website Design wi-fi winter work world zodiac sign
false
rtl
item
الجيل الجديد: المحمول واحتمالات الإصابة بالسرطان.. علاقة حيرت العلماء
المحمول واحتمالات الإصابة بالسرطان.. علاقة حيرت العلماء
https://geel25elgaded.com/wp-content/uploads/2018/04/المحمول-والإصابة-بالسرطان1.jpg
الجيل الجديد
http://geel25elgaded.blogspot.com/2018/04/blog-post_83.html
http://geel25elgaded.blogspot.com/
http://geel25elgaded.blogspot.com/
http://geel25elgaded.blogspot.com/2018/04/blog-post_83.html
true
6246319857275187510
UTF-8
لايوجد اي تدوينة المزيد المزيد الرد اغلاق الرد حذف By الصفحة الرئيسية صفحة مقالة المزيد مواضيع ذات صلة التسميات الارشيف البحث لا يوجد اي تدوينة الصعود الى الاعلى Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago